تجربة (١) 

كنتُ ألعب معه بحماس متجاهلةً كل ما حولي من الأشياء والأشخاص ، أُصرّ هذه المرة أن أنتصر عليه لأثبت جدارتي في هذه اللعبة سوا أنني سمعتُ صوتَ بكاءٍ مفاجئٍ بجانبي قطع عليّ استغراقي في عالمي 

اضطررتُ لإيقاف اللعبة ، التفتتُ إليها .. 

– اه . ما القصةُ هذه المرة ؟ 

أمطرت عينا الصغيرة بغزارة وبدأت تتحدث حديثًا باكيًا حانقًا استمرّ لدقائق 

كنتُ فيه المدانة . أنـا عمتُها ! 

كانت غاضبةً مني بشدة لأنها لم تحظَ بنفس الوقت الذي حظي به أخوها معي وأنني لا أعطيها قدرًا من الاهتمام كما أعطيه وأنني ألعب معه أكثر منها وأنني لا أكترث لحديثها كما أفعلُ معه وأنني أحب الجلسةَ معه ولا أحبها .. وأن لديها الكثير من الألعاب التي لم أجربها بعد وأنني باختصار “ما أعطيها وجه”! .

أخوها حاول الدفاع عن نفسه أخبرها أنه يجب أن أقضي معه وقتًا كافيًا كما سأقضي معها وأنه يود اللعب معي مثلها ..

ولكنها كانت في أوج غضبها منه ومني لذلك لم ترحب بمداخلته أبدًا ..

توقفتْ فجأة لتجدد أنفاسها ،، ثم عاودتْ البكاء والحديث معًا 

استكملت عتابها ، بكت كثيرًا وكأنها نهاية العالم … 

تحدثتْ لحين أن انتهى مخزونها … صمتت تنتظر مني ردًا .. 

ابتسمتُ ، فتحتُ ذراعي … 

: “طيب تعالي” . 

احتضنتني بتثاقلٍ أجادت تمثيله .. ثم بدأتُ بلطفٍ أفنّد اتهاماتها الواحدةَ تلو الأخرى 

خرجنا في نهاية الجلسة بالتالي :

تقسيم وقتي بالتساوي بينها وبين أخيها الأكبر ويتم ذلك باستخدام المؤقت لتجنب أي زيادة غير عادلة عند أحدهما . 

طلبتْ مني قضاءَ أربع ساعاتٍ يوميًا معها ، يا إلهي هذا كثيرٌ للغاية ! ولكنه أخف وطأةً مما اقترحته عليّ في آخر الجلسة : “أبيك تنامين عندنا ألف يوم” .  

– توووووت! سأفترضُ أنني لم أسمع شيئًا و ، حسنًا. لكِ أربع ساعاتٍ من يومي .

بهذا الاتفاق انتهى ذلك اليوم على خيرٍ وحب  

تلكَ الأيام القليلة التي قضيتها في بيتِ أخي كانت من ألطف أيامي 

شكرًا للطفلين اللذين منحاني شعورًا جديدًا عذبًا للغاية … لم أتخيل كيف يكون الشعور عندما يتنازع اثنان عليك … مشاعرٌ يصعبُ وصفها ولكنني إن شئتم أن أحاول فسأقول أنها مشاعر رضى ذاتي مرتفع .. تشعر أنك مقبولٌ بما يكفي أن يُتنازع عليك ! شعورٌ أكثر من مرضي ، تشعر بأنك محبوب بما يكفي أن يبكي أحدهم لكي يقضي معك المزيدَ من الوقت ، يالله إنني متخمة بهكذا شعور! 

أحسستُ بمسؤولية أيضًا تجاه هؤلاء الأحباب ، مسؤولية تقسيم الوقت لإرضاء الجميع ..  هذا من جانب 

أمٓا الجانب الآخر من المسؤولية هو أنني بدأت أتسائل ما الذي سأعطيه لهم من قيمٍ ونصائحَ مبطنة خلال الأيام القليلة القادمة لأن نزاعهم ذلك اليوم تصريحٌ واضحُ النوايا مفاده أنني محبوبتهم التي يودون قضاء يومهم معها وهذا يعني أن قابليتهم للتأثر بكلامي وأفعالي كبيرةٌ جدًا لذلك يجب أن أكون قدوةً بخفاء . 

هذا المزيج من المشاعر ، الرضاء الذاتي و المسؤولية وقبلهما أن (يُتنازع عليّ) . كلها تعد تجربةً جديدة عذبةً للغاية. 

أجدد شكري للطفلين ، أحبكما ، وأرجوكما أرجوكما كلما أحسستُ بالوحدة .. تعالا إليّ ، و جددا تنازعكما عليّ .. هذا سيملأوني ضجيجًا من جديد . 

اكتب تعليقًا