أتحدث معكم من آخر يومٍ في حياتي الجامعية
الكثير من التبلد يغشاني … لا أصدق أن مسيرةً امتدت لخمس سنوات هاقد انتهت اليوم ..
الحمد لله قبل كل شيء وبعد كل شيء … كنتُ مراهقةً مغرمةً بمناظرات العلامة الراحل أحمد ديدات أحببتُ هذا المجال فنويت الدخول في قسم اللغة الانجليزية من أجل الدعوة إلى الإسلام ومناظرة القساوسة ، اخترتُ قسم اللغة الفرنسية كخيارٍ ثانٍ لي وفعلًا قُبلتُ به ، درست الفرنسية في أكثر فصل دراسيٍ سيء في حياتي ، حتى أن استرجاعُ ذكريات ذلك الفصل يزعجني كثيرًا … لم أستمر هناك ، كرهتُ الدراسة فنويت تركها احتذاءً بستيف جوبز كنتُ آنذاك قد قرأتُ كتابًا ضخمًا يحكي قصته ، قلتُ في نفسي : لم لا أفعلها مثله ؟ عائلتي حاربت قراري كثيرًا .. ضعفتُ أمام إصرارهم .. احترتُ كثيرًا إلى أي قسمٍ أتجه لأن سحر المناظرات قد اختفى ولم يعد قسم اللغة الإنجليزية يستهويني .. السؤال الضائع يتكرر : إلى أين أتجه … نويتُ في النهاية أن أدرس في أسهل قسمٍ في جامعتي من باب إرضاء المجتمع ، أما أهدافي الخاصة كنتُ أعمل بها خارج الجامعة ، بهذا بدأتُ الدراسة في قسم الدراسات الإسلامية لم يكن سهلًا ولا صعبًا ولا بينهما حتى ، كل مادةٍ لها قياسها الخاص المختلف عن غيرها من المواد ، ولأنني كغيري أدمنتُ الـ “اوفات” .. كنتُ أحصل على واحدٍ منها في كل فصل .. والنتيجة بطبيعة الحال هي زيادة فصلٍ آخر في الجامعة .. بذلك أكون قد قضيتُ خمس سنوات في الجامعة بدلًا من أربع سنوات ، وعلى اعتبار أنني أدرس في كلية التربية كان هذا الفصل الأخير هو الفصل الذي كنتُ فيه “أبلا” ، طبقتُ في مدرسةٍ متوسطة تعلمتُ فيها مالم أتعلمه في سنواتي الجامعية كلها ، هذه باختصار مسيرةُ خمسٍ سنوات جامعية قضيتها في جامعة الملك سعود ، و هانذا في آخر يومٍ لي فيها أكتبُ لكم ، ولأن “الخمس” سنوات هي بمثانة عمر .. كان طبيعيًا جدًا إحساسي بالتبلد في نهايتها .
لا أصدق أنني لستُ طالبةً بعد الآن ، كنتُ أتحدث لأختي عن خطتي في شراء أريكةٍ في غرفتي ، كان من ضمن الأسباب التي شرحتها لها : “وودي أذاكر عليها”
مهلًا ، أيُ مذاكرة ؟ لا زال عقلي مُبرمجٌ على الدراسة ، كم هذا شعورٌ غريب ..
تعلمتُ في الجامعة الكثير ، أحدها ألا أكون لطيفةً أكثرَ مما يجب ، ذلك لأني أعتدتُ أن ألقي السلام على كل زميلةً شاركتني مادةً أو يزيد ، كنتُ ألحظ أنني عندما أصادف بعضهم في ساحات الجامعة وألوّح بيديّ بكل ودٍ يحاولون تجاهلي وكأنهم لم يرونني لأنهم باختصار لا يودون السلام عليّ ليس لأسبابٍ شخصية بقدر ما هي أسبابٌ اجتماعية مفادها : لم يعد يجمعني بكِ شيء . وبالمناسبة أدبتني الحياة فأصبحتُ مثلهم في الكثير من الأشياء ، لم أعد مرهفةً رقيقةً أبتسم للمارة . أسلّم على زميلتي و أقدّر “العيش والملح” كالسابق .. هكذا الحياة في الجامعة إن لم أجاريها لتألمتُ كثيرًا
صاحبتُ في فترةٍ من حياتي الجامعية صديقتين كفيفتين ، كانتا مدرسةً بالنسبة لي ، لم أثمّن بصري يوما بقدر ما ثمنّته عندما التقيتُ بهما .
إن كان هنالكَ كلمةٌ تصفُني وأنـا في الجامعة فسأقول أنني كنتُ كنزًا لم يُكتشف . أنـا مليئة بالأشياء ، ولا أدري لم لم أخرج ولا شيئًا واحدًا هناك ، ربما لأنني لم أستمتع بدراستي أبدًا ، ربما لأنني لم أوفق بناديٍ لاصفي يستثير المواهب التي داخلي .. أيًا كانت الأسباب لقد خسرنا بعضنا ، خسرتني الجامعة و أعترفُ … أنني خسرتُ الكثير من الفرص في النشاطات اللاصفية
في النهاية كانت حياتي هناك أشبه بسجنٍ ملكي وهاقد انقضت سنواتي فيه ، انتهاء الجامعة بالنسبة لي يعني الحرية . و الكثير من الهواء العليل
