ملاحظة : ما أكتبه دراميٌ بحت يمثل اللحظة الحالية فقط. 

في منتصف هذه الليلة أحسستُ بالجوع فصنعتُ طعام الأزمات : اندومي ، وبدون تنسيق أحضر لي أخي طعامًا من إحدى المطاعم .. قررتُ حينها أن أدعو أختي “ذات الثمانيةَ عشر ربيعًا” لتناول الطعام معي في غرفتي وأن أفاجأها بهذه المائدة التي لم تطرأ على بالها فهي من عُشّاق الأندومي كما أنها تحب المطاعم كثيرًا .. تصورتُ سعادتها بهذه المفاجأة وسعدتُ لهذا الخيال … وبشكلٍ دقيق فإن أختي لا تفضّل الاندومي مع خلطة “الزبادي والليمون” لذلك قسمتُ الوجبة نصفين نصفٌ كما تحبه ونصفٌ كما أحبه .. شوكتين ، صحنين …  ثم صعدتُ إلى غرفتي ووضبتُ المائدة .. أخفضتُ حرارة المكيف ثلاث درجات لأنها ببساطة “تحب البرد” . 

: “عازمتك عزيمة عشر دقايق وخليك عندي ” . 

: “ليه؟ مالي خلق” 

: “أنتظرك الساعة ٠٢:١١ دقيقة” 

أغلقتُ هاتفي وأنـا أتسائل هل ستحضر ؟ .. 

أعرف أختي فضوليةٌ بحتة ولأنني لم أجب على سؤال الـ “ليه” الخاص بها فإنها ستحترق من الفضول .. هذا ما جعلني أتيقن من حضورها .. إضافةً إلى أنها لم يحصل أن ردت دعوةً مني لغرفتي .. وبشكلٍ أكثرَ أمانةً فهي أحيانًا ترفض الحضور لغرفتي ولكنني أُصرّ عليها بشتى الطرق لحين أن تدخل لغرفتي وتسهر معي ونستمتع معًا تلك الليلة ، ولكن هذه الليلة شيءٌ ما في داخلي رفضَ أن “يُصّر” أو يوضح أكثر أن طعامًا شهيًا بانتظارها وأنني أعددتُ المائدةَ لشخصين . تركتها تختارُ أن تحضر أو لا تحضر بدون تدخلٍ مني . 

حلّت الساعة ٠٢:١١ سيطرق بابي الآن ، ستتفاجأ بهذه المائدة اللذيذة … وستخبرني أنها أحبت هذه “العزيمة” .. ولكن أحدًا لم يطرق بابي .. انتظرتُ قليلًا ، أشعرُ أنها تتابع الوقت معي وعندما لم تجد رسالةً جديدةً مني تخبرها أن وقت العزيمة قد جاء فإن فضولها سيطغى على كل شيءٍ وستأتي رغمًا عنها … 

كان خطأً مني عندما ظننتُ أن فضولها سيجلبها إليّ لأن ذلك لم يحدث .. تأكدتُ من ذلك في تمام الساعة الثانية والنصف . لن تأتي ، وسآكلُ هذه المائدة لوحدي .. شعرتُ بالخيبة .. أرى خيبةَ انتظار شخصٍ ما في الأفلام والروايات فقط ، هذه أولُ مرةٍ في حياتي أجربُ هذا الشعور المحبط جدًا .. ولأنني عاشقةٌ للتجربة جزءٌ صغيرٌ “للغاية” مني كان سعيدًا بتجربةِ شعورٍ جديد. ولكن خيبةُ الأمل كانت الشعور الأكبر … 

الاستعداد للقاء هذا الشخص هو ما يصنع الخيبة ، فلقد آلمني منظر شوكتها وصحنها و”الاندومي” المفضل لديها . آلمني شعوري بالبرد لأجلها .. 

“عادي حبيبتي عادي، لا تقولين إنك منتي منبسطة بهالأكل اللذيذ عشانها ما جت!” تحدثني نفسي . 

لا أريد أن آكل طعامًا شهيًا بشعورٍ متدني، لذا حاولتُ استرجاعَ “الشعور الصحيح تجاه الفقد” وهو أحد دروس الوعي التي أدرسها حاليًا .. والذي خلاصته أن تكون سعيدًا لوحدك سعيدًا مع الآخرين ، وأن سعادتك بلقاء الآخرين سعادةٌ “مضافة” لسعادتك وليست أصلها .. وعلى جانبٍ آخر ولأخفف من حدّة خيبتي صنعتُ لها أعذاراً لعدم حضورها كما أنه ولو لم يوجد لديها عذرٌ فهذا اختيارها الخاص والذي هو حقٌ لها وليست مجبرةً على قبول عزيمتي.. 

حسنًا لقد ارتفعت مشاعري قليلًا بعد هذه الأحاديث ، أعدتُ درجة المكيف إلى ما كانت عليه و بدأتُ آكل الطعام ، سآكلُ حصتي وحصتها هكذا بلا سبب ! .. كما أنني ولأزيد متعتي أكلتُ بما أُسميه #استطعام_مطلق وهي طريقةٌ ممتعةٌ للأكل ابتكرتها منذ سنتين تتلخص في الاستلذاذ المطلق للطعام بدون اعتبارٍ لشيءٍ آخر ، أبرز شروطها الاكتفاء باستخدام اليد وعدم استخدام المناديل لمسح ما يعلق حول الشفاه بل على العكس يزيد استمتاعك كلما زادت الفوضى حول شفتيك ! وغيرها من الشروط .. أختي لا تُحب هذه الطريقة بل على النقيض “تتقزز” من منظري عندما أمارسها .. غالبًا لا أمارسها وحدي بل أشاركها مع الآخرين ولكوني دائمًا ما أتناول الطعام معها لوحدنا فأنـا بطبيعة الحال ألتزم ب “اتكيت الطعام” الروتيني .. وها أنٓا ذا الآن لوحدي في مائدةٍ شهية ، إنه أفضلُ وقتٍ لممارسة #الاستطعام_المطلق ، صدقًا .

كنتُ آكل بأقصى استطعامٍ أملكه وكأنني أنتقمُ منها لعدم حضورها ، طفلٌ ما في داخلي أحس بلذة الانتقام مع كل قبضة “اندومي” أضعها في راحة يدي كالأرز ثم أتناولها بلذةٍ مطلقة . 

حسنًا لا بأس ، هي أختي وأنـا أحبها .. ما حدثَ كان كالحلم العابرِ الذي سيظلُ حلمًا .. ولن يؤثرَ بعلاقتي بها في أرضِ الواقع ، ولكن تصرفي هذه الليلة لا يُشبه أخوتنا .. بدءًا من عدم إصراري على حضورها ، انتهاءًا بأنني لن أنهرها غدًا لعدم حضورها .. الأخوةٌ شيءٌ أكثرُ “ميانة” ! لا أعلم ما جرى لي هذه الليلة .. 

اكتب تعليقًا