هذا اليوم ابتدأ بطريقةٍ مميزة، يقرر مشرف العيادة الحكومية السيد نايف وبعد الحديث معه تقديم جميع مواعيدي
كما أنه عرض عليّ خدماته في تقديم الأعذار الحكومية ..
أتذكر دعوتي في المطر عندما سألتك أن تسخر لي الطيب من خلقك ..
أنت تسمعني جيدًا يالله ..
اليوم الثاني من الكونسيرتا ..
لا صداع ، ولا آلام جسدية ..
اتفقتُ مع نفسي ألا أقرأ عن هذا الدواء أبدًا في الانترنت ، ولكنني لم ألتزم بهذا الاتفاق
قرأتُ بالأمس أنه يُصرف أحيانًا لحالات الاكتئاب ، هل هذا سر الشخصية المبتهجة بالأمس ؟
ربما حتى اليوم ، فقد لاحظتُ اليوم أن التأتأة وتناول الحروف والحديث السريع عادوا إليّ .. هذه الأشياء تأتي تبعًا مع شخصية الحمل الحقيقي خاصتي والمجبول على السعادة والمرح
هذا مخيف، ومؤسف ..
يخيفني أن يتسبب لي هذا الدواء بالإدمان (رغم نفي الكثيرين لذلك بما فيهم السيد الطبيب)
ويؤسفني أن أكون عرضةً للاكتئاب ، هل ابتهاجي -وبفضل الكونسيرتا- إشارةٌ على اكتئابي في الأيام الخالية منه ؟ لستُ كذلك ، يُستحال ل ل .. و لا أريد أن أصدق ..
يجب أن تكتمل التجربة حتى أواجه نفسي وأختبر هذه الفرضية ..
أدرك أنني ملكةٌ الوساوس والأفكار ، وقادرةٌ على تصديق كل شيء .. ولم يكن لزامًا بالمرة أن أقرأ تجارب الآخرين على الانترنت ، ولكن يفوز عنادي كالعادة.
لم يتملكني ذاتُ الابتهاج الذي حل عليّ بالأمس ، ولكن كان مزاجي متزنًا ، كنتُ أشعر بالرضى والاطمئنان ، وذاتُ المشاعر الطيبة التي لا أمتلك قدرةً على وصفها عادت ..
تركيز ؟ حضور ذهن ؟ ليس بعد ..
حتى أنني بدأتُ أشكُ ببعض الآثار العكسية التي حصلت لي منذ أن بدأت تناول هذا الدواء
في اليوم الأول نسيتُ هاتفي على طاولة اللوبي وعند مغادرتي بنصف ساعة اكتشفتُ فقداني له
اليوم ، كنتُ في غرفة الانتظار في العيادة لوحدي ، تأتي “النيرس” ترجوني باحترام الانتقال لغرفة انتظار السيدات “اميزنق نورة”
في الحقيقة ما يحصل لي ليست آثارًا عكسية، هذه أنا التي أعرفها :d ، وأتقبلها أيضًا
بقدر ما تزعجني وتربكني شخصيتي “عديمة التركيز” بقدر ما أحبها ، هي دائمًا تذكرني بعفويتي وسذاجتي .. تحررني من هيبة الأخطاء والمواقف .. تسمح لي بالتجربة ، والتهور ، تحررني قليلًا من الخوف لأنني لا أستطيع أن أحسب حسابًا لكل شي (كما يفعل الأشخاص ذوي التركيز) ، كما أنها تحرر ذاكرتي من كل شخصٍ أو حدثٍ لا يستحقان أن يظلا فيه .. لهذا أنا أتقبل هذه الشخصية .. ولكن ليس بقدرٍ يسمح لي ببقائها في حياتي .. ربما لو كنتُ عصفورًا أو بطلةً في فلم كوتوني لرحبتُ بها .. ولكن لهذا العالم الواقعي قوانينٌ مختلفة ..
أتفائل كثيرًا و بفضل السيد كونسيرتا أن هذه الشخصية ستكون من الماضي ، قريبًا جدًا.
بالأمس كنتُ أقرأ حظي المتوقع للعام الجديد
تخبرنا السيدة رشا مراد أن سفرةً مميزة ستحل على مواليد برج الحمل بعد منتصف شهر مارس .. يبشرني أحدهم اليوم أنه قد تم ترشيح اسمي من بين عددٍ كبيرٍ من رواد الأعمال لرحلة عملٍ إلى بعض الدول في أوروبا ، تقتضي هذه الرحلة دراسة الفرص الاقتصادية الممكنة بين الدولتين ، معاد هذه الرحلة سيكون في بداية إبريل.. إبريل هو شهر ميلادي -وهذا ما يجعلها رحلةً مميزة” كما أن إبريل هو الشهر الذي يلي مارس .. بذلك يتطابق وقتها مع الوقت الذي أخبرتنا به السيدة رشا.
عدتُ سعيدةً إلى المنزل ، بشرّتُ أمي ، وكعادتها تتجاهل نجاحاتي التي لا تعجبها ، ضحكتُ قليلًا ، يعجبني أنني بدأتُ أفهمها وأتقبل ردات فعلها .. تجاهلت فرحتي ، حتى أنها لم تجعلني أكمل حديثي للنهاية وانتقلت قصدًا للحديث عن موضوع آخر .. قاطعتها بابتسامة “اوكي لا تسمعين السالفة بس كنت بعلمك إن بنتك مو سهلة” أخفت ابتسامتها خلف تعابيرٍ جامدة و بطريقتها في حب التملك قالت “بنتي مو سهلة عندي مو بعيد عني”
هذا النوع من المحادثات كان يصنع فيما مضى خصامًا يمتد لزمنٍ غير معلوم.. ولكنه الآن وبفضل الله قبل كل شيء بات محادثةً لطيفةً هادئةً كغيرها ..
في مشوار السلام الداخلي ، أود أن أعترف بخجلٍ وقوة أنني أشعر بالغيرة منبعض الناجحين
لاسيما أولئك الذين نجحوا بدون جهدٍ يُذكر ..