تشعر الروح ، وإحساسها عن ألف دليلٍ ملموس ..
يلتقيني السيد الكاميروني ، يتأخر مستقصدًا ٥٠ دقيقةً عن موعدنا ، ومستقصدًا لا يجيب على رسائلي واتصالاتي ..
وتقريبًا “فقرة الانتقام” هي الفقرة اللعينة التي أبغضها بالأشخاص المنتمين لبرج العقرب ..
لم أكن أظن يومًا أن يتصرف بهذه الطريقة ، لاسيما أننا اتفقنا على رد اعتباره وتعويضه عن التأخير الذي بدر مني .. كأنه بهذا التصرف اللعين يرد اعتباره مرتين ..
يحضر السيد وأخيرًا ، أهلًا، أهلًا .. يعتذر ببرودٍ عن تأخيره .. أبتسم برحابة صدرٍ مصطنعة ، “لا بأس” .. “تصير كثير”
حاولتُ قصدًا أن أكتم حنقي لكي لا أشعره بحصوله على مراده .. وقبل أن يجلس ، يختار الجلوس بجانبي وليس أمامي .. وعلى اعتبار أننا نلتقي لتناول العشاء فمن غير المنطقي أن يجلس بجانبي .. أدعّي البلاهة كعادتي ، يبدأ حديثنا .. نتحدث بطريقةٍ طبيعية كأي شخصين بالغين ، يحاول قصدًا إحداث “ميانة” في منتصف حديثه ، وبلحظةٍ عابرة يضرب رجلي بخفة وهو يضحك ، وكأنه يقول “اوه نحن نتسامر جدًا و ودودين مع بعضنا” .. يستفزني تصرفه جدًا .. يفور دمي .. ما الذي يجمعنا حتى تبدو بهذا القرب ؟ كيف تمتلك حق اللطافة هذا بعد التأخير المستقصد اللعين ؟ من أنت ؟ لماذا دخلت حياتي ؟ هذا مقرف .. تجمعت في مخيلتي الكثير من الأفكار الغاضبة .. رغم أن تصرفه كان عاديًا جدًا، ولا يصنف حتى “تحرشًا” .. وعلى اعتبار نشأته في “يو اس” فمن المتوقع أن أبدو أمامه كفتاةٍ عابرة من بين مئات الفتيات اللاتي قابلهن في حياته ، وهذا ما أحبه في علاقتي مع الأصدقاء الغربيين الذين نشأوا بطريقةٍ فطريةٍ وعاشوا حياةً مليئةً بالفتيات .. تبدو علاقتنا مريحةً وعادية مهما بدونا قريبين من بعضنا .. لهذا قد تبدو “الميانة” الخاصة بهذا السيد أمرًا عاديًا ، ولكن روحي لا تشعر بذلك ، تركتُ الحكم لروحي ومشاعري .. وليس للعرف والمنطق ..
ينتهي عشائنا ، أهمّ بالمغادرة ، يكرر اعتذاره لتأخره .. أطمئنه بمغزى مبطن “لا تقلق لدي قلبٌ كبير يكفي لمسامحتك” .. يبتسم ، ثم يغادرني ..
تركت الزمن يظهر حقيقتك ، قد تكون نزيهًا وقد بالغتُ في ردة فعلي تجاهك .. ولكنني أختار أن أستمع لروحي .. بدون أي مبررات أخرى … وروحي لا ترتاح إليك .. وقد شعرتُ بعدم الارتياح منذ البداية ، ولكنني أخذتُ وقتي ، وخضتُ التجربة كاملة ، وأعطيتك عددًا من الفرص .. وددتُ أن أسأل روحي “هل إنتِ متأكدة” .. الآن وبعد اليوم .. بات كل شيءٍ واضحًا .