أقرر الخروج مع أصدقائي للحصول على مزاجٍ سعيد ، هذا لا ينجح .. يختار الأصدقاء مكانًا متخصصًا بـ “السوشي” بالعنوة لأجلي ، ولكن ولأنهم لم يعرفوني كفاية .. فقد كان مكانًا صاخبًا بالبشر وصاخبًا بالموسيقى و ذو إضاءةٍ خافتة .. أجواءٌ كهذه تخرج النكدية التي بداخلي دون أن استطاعةٍ مني للتحكم بها ..
لهذا لم يبدو للسوشي أي لذة ، ولا لحواراتهم الممتعة نكهة ..
لا أدري هل كان الجو شماعةً لعدم استمتاعي أم أن هنالك أسبابٌ أخرى ..
بعد ثلاثة أيامٍ من الرشح المزعج بدأت ترتفع حرارة جسدي اليوم .. وربما كان لذلك سببٌ في تعكر مزاجي ..
هل يزيد معدل الحساسية تبعًا لحرارة الجسم ؟ ربما .. لأنني بدوتُ هشةً اليوم ، وعلى حافة البكاء ..
يحدث أن أجلس مع صديقتي وأفضي لها همي بطريقةٍ ليست كتلك الطريقة التي رسمتها بخيالي ..
ثم لا تكتمل الحكاية ، ولم أكتفِ من لقائي بها .. كان كل شيءٍ على عجالة ..
يحدث أن يحل في قلبي الشكّ تجاه نوايا الآخرين ، وقد كنتُ الأكثر براءةً في هذا العالم .. ولكن تجربة السيد الكاميروني البغيض جعلتني أعيد النظر في كل شيء .. الصديق الجديد والذي قدم لتوه من جدة ، بدا لطيفًا كأهل جدة ، منفتحًا مثلهم .. و قد كنتُ أبرر فيما مضى للآخرين طباعهم وفقًا للمكان الذي قدموا أو نشأو به ، ولكن هذا لن يحدث بعد اليوم ، كما أنني -وبشكلٍ شخصي- لا أستطيع تقبل الاهتمام من الطرف الآخر في مراحل الصداقة الأولية .. يجب أن يأتي كل شيءٍ بشكلٍ متدرج ومتوازن .. وعلى مهل ..
منذ اللحظة التي قررت فيها الانفتاح على هذا العالم واكتساب المزيد من الصداقات ، بدأ العالم يعطيني .. من المبهج جدّا أن أجد صديقًا يشاركني الاهتمام بالمواضيع الروحية .. لهذا عندما التقينا ، تحدثنا الساعات الطوال ، بدا حديثنا عميقًا ، عذبًا ، لامسني .. كيف أننا استطعنا ومن أول لقاء “طويل” الحديث بكل انفتاحٍ ورقي عن “الله / الجنس” وهما من أكثر المواضيع المحظورة في هذا المجتمع .. حدثني عن تجاربه الروحية ، والمعلمين الروحيين الذين تتلمذ على يدهم .. كان حدثه ملهمًا لي ..
يحدث أن يصله نبأ مرضي اليوم ، يبدي اهتمامًا شديدًا لا أستطيع قبوله من صديقٍ جديدٍ في حياتي .. يزعجني أنني بدأتُ أفشل في تخمين النوايا الحقيقية للأشخاص من حولي ..
أحب أن تعود البريئة التي بداخلي والتي ترى الحياة بمنظورها الطيب .. هذه الطريقة في الحياة أدعى للسلام .. والله خيرٌ حافظا !
يهاتفي أخي من وسط سباته القاتل غاضبًا .. يلومني بسبب حجزي له مقعدًا معي لرحلتي القادمة إلى دبي .. يحدث أن ينسى غدائنا سويةً عندما كنتُ أحاول إقناعه أن يرافقني إلى هناك ليستعيد بهجته للحياة .. يقتنع ، يوافق ، يخبرني أن أوافيه بموعد الرحلة .. بدا لي اليوم وكأنه نسي كل شيء وغرق في هاويةٍ جديدة .. أعتذر لما حصل ، وأطمئنه أنه مخيرٌ بالذهاب والكلمة الأخيرة تنتهي إليه ..
أنا أيضًا لا أريد الذهاب ! ولم لم تكن رحلة عمل لاخترت تأجيلها .. فلدي هذه الأيام هوس عمل إيجابي جاء بالتزامن مع تحسنٍ مرضٍ في عملي ..
بدأت -مؤخرًا- لا أستبعد أن يصلني يومًا نبأ انتحاره .. وهذا اختياره بالنهاية ! وله الحق في رسم حياته وإنهائها بالطريقة التي يراها تناسبه .. هذا جنون ، وكدرٌ جديد سيتجدد في قلبي وقلب أحبابي .. ولكنني أشعر بالممل واليأس والإحباط منه .. ولا أتوقع أي تحسنٌ قد يحصل في حياته المدمرة إلا أن يشاء الله .. أيًا كان الذي سيحدث ، يكفيني يالله ألا يحدث داخل أسوار منزلنا فأنا لا أتحمل تخزين المزيد من المشاهد البشعة في ذاكرتي ..
أحداث سعيدة في يومي ؟ امممم
تبدأ مساعدتي الجديدة “رهام” يومها الأول .. هالتها مريحة ، وأشعر أنها مجدةٌ في العمل ..
تحسنٌ إيجابي في عملي ، والمؤشرات تتجه لأعلى ..
سعدت اليوم لأختي اقتنائها وبعد أشهرٍ من التفكير سيارتها السوداء الجديدة Mercedes benz أرجو أن يكون قرارها سديدًا حتى النهاية ..
–
اقتربت الساعة من الثانية بعد منتصف الليل
يبدأ عقلي بالهلوسة ، يتضاعف الصداع تزامنًا مع حرارة الجسم .. وبالعنوة لا ولن أتناول أي دواءٍ مسكن .. يكفيني من السموم الكيميائية الكونسيرتا ولا أقبل أن أحمّل جسدي أي سمومٍ أخرى
في فلسفة الأعراض النفسية للأمراض ، يُقال دائمًا أن ارتفاع درجة حرارة الجسم هو مؤشرٌ إيجابي ، ودلالة على تحرر الجسد من “مشاعر سلبية مكبوتة” الأمر أشبه بالدموع التي تطهر الروح من الضيق ..
كنتُ لا أستسلم ، ولا أضع التعب الجسدي سببًا للراحة .. أخطأت اليوم بقبول دعوة الأصدقاء رغم إرهاقي ..
الشخصية الذابلة يجب ألا تُرى ، وألا تواجه الناس ، يجب أن تظل في الخفاء حتى تتحسن .. ليس واجبًا على الآخرين صناعة الأعذار لي .. وليس جيدًا بحق نفسي إظهار جانبي المرهق/الهش هذا .. لهذا سألغي غدًا كل اجتماعاتي و سأكتفي بالعيش في عزلةٍ بمكتبي ، بيني وبيني .. لا أستطيع وصف سعادتي كلما تذكرت أن غدًا هو آخر أيام الأسبوع .. لم يكن أسبوعيمزدحمًا بالعمل بقدر ما كان مرهقًا جسديًا لي ..
الراحة جُل آمالي ..