لحظة صفاء.

أيقنت جازمةً أن الهروب ليس بحل .

وأنه لا حياة بدون منغصات ..

أيقنت في لحظة صفاءٍ أن الجنة بداخلي .. والنار بداخلي ..

تعود حاجتي الملحة لتهذيب روحي ..

وددتُ أن (ينزع) الله من قلبي كل مرض .. أريد أن أعيش هذه الآية “ونزعنا ما في قلوبهم من غلٍ إخوانًا” ..

كل شيءٍ يبدأ من الداخل وينتهي إليه ..

بدأ بريق “سكني لوحدي” بالخفوت .. لا يزال حلمي الأكبر ولكنه لم يعد لامعًا كما كان ..

كنت أستخدم هذا الحلم ذريعةً أو (هروبًا) لافتقادي لمطلق الحرية ومطلق الاستقلالية ومطلق الأمان في منزل عائلتي

رغم أنني لا أنكر فضل ما وصلتُ له من حريةٍ و استقلاليةٍ وأمان ولي حياةٌ لم تُعطَ لا لشقيقاتي الكبيرات ولا لصغيرتي ب .

مهما ابتعدتُ عن عائلتي سيظلون كما هم ، بحسنهم وسيئهم .. ستظل مشاعري “ربما” كما هي .. سيتغير المكان فقط ، وسأظل أنا كما أنا ، ربما سأكون أكثر إحباطًا لفقدي لأمي و أختي الصغيرة الذي اعتدتُ على رؤيتهما يوميًا .

كنتُ أطير بحلمي هذا في السماء وأشعر أنني عدتُ للأرض وبدأتُ أفكر بمنطقيةٍ أكثر ..

أما بشأن الأمان فلي قصةٌ عجيبة ..

كان السيد م ملك الرعب في واقعي ، وبطلًا في كوابيسي عندما أنام .. امتد رعبه لسنوات ، وقد لعب دورًا مؤلمًا في حياتي ساهم في نضوجي كثيرًا .. غادرنا السيد م وظننتُ أن الجنة قد نزلت إلى الأرض ، بدت حياتي كاملة .. وحل الأمان لمرته الأولى في حياتي .. لم يتمد كثيرًا حتى بدأ السيد (.) ينشر جبروته في كل مكان ، كان صوته القادم من بعيد يقلقني ، كلماتي محسوبة ، وضحكاتي خافته ، كانت حياتي تفتقد الراحة والاطمئنان بالمرة ، ويالسعادتي إن مر أسبوعٌ كاملٌ بدون أن ينهرني أو يرمقني بتلك النظرة المخيفة جدًا ، وبعد سنواتٍ وبأمرٍ من الله ، غادرنا هو الآخر .. لقد كنتُ سعيدةً جدًا .. لقد كنتُ سعيدةً جدًا .. شعرتُ أن حياتي اكتملت هذه المرة اكتمالًا حقيقيًا .. فلا م موجود ، ولا (.) سيدا الخوف في حياتي رحلا .. عشتُ حياةً فردوسية .. وحل الأمان كاملًا صافيًا في حياتي .. ومن هنا بدأتُ أعيش حياتي براحة ، بدأتُ أحب بيتنا ، وأعتبره راحتي وملاذي بعد يوم عملٍ طويل .. بدأت أعيش ببهجةٍ لذيذة لن يفهمها أي أحد ..

أما الآن .. يشاء الله أن يراهق أخي الصغير مراهقةً لعينة ، بدأ ريفيًا لا ينتمي للحضارة بشيء .. يشاء الله أن يخاصمني .. يشاء الله أن يرفع سلاحه علي .. أنا فقط .. من بين الجميع ..

وقد سردتُ قصته معي هنا ومنذ ذلك الحين ونحن لا نتحدث مع بعضنا .. وهذا أدعى للأمان .. ولكنني لا أزال خائفة .. وجوده معي في نفس المنزل يخيفني .. تتملكني الوساوس أحيانًا .. وأتخيل أن يؤذيني يومًا ما ..

لم أعي تسلسل “فقدان الأمان” في حياتي إلا منذ يومين ، لاسيما عندما أدركتُ أنني أنا وحدي على خصامٍ معه ، من بين أفراد عائلتي .. أنا لوحدي أفتقد الأمان هذه الأيام

لهذا شعرتُ أنني لم أفهم رسالة الله إليّ .. لهذا لا يزال الله يبعث لي في كل مرة ما ينزع من حياتي أمانها ..

لهذا أدركتُ يقينًا أن الحياة في الخارج هي تفسيرٌ لما يحدث في دواخلنا .. ولو رحل أو مات أو صالحني أخي الصغير

سيبعث الله لي مجددًا منغصًا جديدًا .. حتى أفهم ما يجب أن أفهمه .. ولأجل هذا لم يعد “سكني لوحدي” حلمًا لامعًا كما كان

أريد أن أقول : شكرًا نورة .. لأنك شجاعة !

و لأنك تتواصلين جيدًا مع روحك ، ولأنك لم تهربي من هذه الحقائق .. شكرًا لأنك قوية ولأنك ترحبين بالخروج من منطقة الأمان .. رغم أن الحزن غشاني هذه اللحظة من تدوينة بائسةٍ كهذه ولكن الطريق لحل المشكلة هو الاعتراف بها ..

اكتب تعليقًا