لحظة ! كنت أظنني مجرد هاوية للغة العربية ، كعادتي لا أضع نفسي في مقامها الصحيح ، أريد توثيق ما حصل لي بالأمس ، كنتُ أنظف قسمًا مهجورًا في بيتي ، وإذا بها كيسة كرتونية ممتلئة بذكريات الماضي ، امسكت بملف ممتلئ بالأوراق القديمة والتي احتوت على خواطري وأشعاري ، عمر هذا الملف تجاوز السبعة عشر سنة عندما كنتُ في بداية الصف المتوسط !!! منذ 2006 وأنا أوثق كتاباتي !!! رغم أنني متأكدة أن هذه الملَكة ابتدأت قبل ذلك الزمن ..
وجدتُ الكثير جدًا من الأشعار والخواطر الفصيحة بمختلف المواضيع ، كنتُ مهووسة بالسجع وأحرص عليه في مجمل خواطري …. لاحظتُ أيضًا أن علاقة ما كانت تجمعني بمعلمة اللغة العربية آنذاك لأنني وجدتُ نقدًا أدبيًا على بعض الكتابات .. يالله … وجدتُ أيضًا ورقة كتبتُ فيها خاطرة كانت من أشهر خواطري آنذاك ولا أزال أذكر أحداثها .. كانت عن الهلال وهوس تشجيع فريق الهلال ، أتذكر أن هذه الخاطرة لاقت رواجًا عاليًا في مدرستي وكانت الطالبات يتعاركن للحصول على هذه الورقة وقراءتها ، وجدتُ أنني ذيلتُ في نهاية الصفحة أسفل اسمي (أديبة عالمية) ، واو .. لقد نسيتُ هذا الشغف تمامًا ، نعم أنا أعلم أنني أحب الكتابة منذ صغري ولكنني نسيتُ علاقتي الوطيدة والشديدة بالكتابة آنذاك لدرجة أنني كنتُ أتمنى أن أكون كاتبة عالمية ! واو ….. أمر يستحق التأمل …. بصراحة لا أملك الآن هدفًا يخص الكتابة ، لا أريد أن أكون كاتبة معروفة ولا أريد أن يتم التعريف بي ككاتبة ، ولكنني أشعر بواجب شخصي تجاه نفسي بيني وبيني بالالتزام بالكتابة الفصيحة من باب الحفاظ على هذه الملكة ، بصراحة لا أدري لماذا ولكنني لا أستطيع التفريط أبدًا بالكتابة الفصيحة ، لا أنتظر مقابلًا لهذا ولا يوجد اختبارٌ بانتظاري ولا أمتلك هدفًا أمارس الكتابة لأجله ، لا شيء ! ولكنه شعور عميق في داخلي لا أستطيع تفسيره ! حتى أنني أتذكر جيدًا أنني احتجتُ الكثير من السنوات لأسمح لنفسي بعدم الالتزام التام بقواعد وإملاء اللغة العربية لاسيما في المحادثات السريعة في الواتس اب وغيرها ، لم أكن أستطع إرسال رسالة بسيطة وسخيفة إلى أختي بدون الالتزام بالهمزات والقواعد البسيطة ،، تخيلوا معي إلى أي درجة كانت علاقتي باللغة العربية …. الآن أنا أخف التزامًا والحمد لله ، لا ألتزم بالقواعد ، أمارس الكتابة السهلة التي تحتوي على أخطاء ، حتى أنني أستطيع هنا أن أكتب بالعامي بسهولة وألا أكون دائمًا دقيقة في كتاباتي الفصيحة … ولكن بصراحة وعلى ذكر أنني لا أعطي نفسي قدرها .. أدركتُ اليوم بعد اطلاعي على كتاباتي السابقة أنني أكثر من مجرد هاوية للغة العربية ، أنا مهووسة ، أنا محترفة ، ومحبة ، وعاشقة … أنا كاتبة بالفم المليان ، أنا أديبة و لدي القدرة على صياغة الفكرة التي أريد بالشكل الذي أريد ، أتقن الكتابة بالإملاء الصحيح ، أعرف التشكيل والتنوين في المكان الصحيح ، أعرف قواعد الجمع والمثنى ، رغم أنني أدرك التالي : لقد نسيت الكثير جدًا من قواعد اللغة العربية ودائمًا ما يأتيني هذا الهاجس بالعودة إلى دراسة قواعد اللغة العربية ، حتى التنوين أنسى قواعده ولكن والحمد لله ألفًا أستطيع الكتابة السليمة حسب (السليقة) ، لدي أذن تستطيع تمييز الخطأ في التنوين أو الخطأ في القواعد العربية إلى حد كبير وأظن أن ذلك يعود إلى تشربي للغة العربية وممارستها منذ الصغر ومحافظتي عليها حتى الآن ، بالتأكيد أيضًا توقفي عن قراءة الكتب الأدبية حجّم مفرداتي وخيالي الأدبي ، لو عدت إلى تدويناتي هنا في أول سنواتي في هذه المدونة لوجدت كتابات أدبية جزلة ورائعة وعميقة تفوق بمراحل تدويناتي هذه السنوات ، لأنني كنتُ قارئة نهمة آنذاك ، ولكن ورغم ذلك التزامي بالكتابة في هذه المدونة حماني من خسارة هذه المهارة ، لا أزال أمتلك الخبرة ذاتها وإن قلت ، ولا تزال أذني أدبية ، وأستطيع تذوق الأدب وأستطيع ممارسة الكتابة كلما رغبتُ بذلك ..
لذلك كتبتُ هذه التدوينة في الساعة الواحدة بعد منتصف الليل لأنني أريد أن أخبر نفسي وأخبركم أنكم تقرؤون لكتابة ، أنا كاتبة … كاتبة محترفة من الطراز الأول ….. بخبرة تتوازى مع سنوات عمري …. لدي تاريخ في الكتابة والقراءة .. و أنا فخورة بتوثيق ذلك اليوم .