من الدوام

أهلًا ومرحبًا ، أكتب في وقت ليس من عادتي أن أكتب فيه

أنا في أجلس في المكتب الرئيسي بالشركة بصفتي المدير التنفيذي الحالي ، يصدف أن جميع موظفي الشركة يحضرون الآن ورشة عمل في غرفة الاجتماعات ، أجد لحظة فراغ وأقرر استغلالها بالكتابة

هناك فكرتان (ولافكرتين؟) أود ذكرهما ، اليوم الخميس وهو الموعد الرسمي لمكالمة والدي لي ، هاتفني اليوم كالعادة و كالعادة تحدثنا بنفس الكلام ونفس السلام البارد ونفس الكلام الختامي ، هذا الروتين الأسبوعي يحدث منذ سنوات ، راودني شعور غريب على هيئة سؤال : ما الذي يجمعه بي حتى يصر على سماع صوتي كل خميس رغم عدم امتلاكي لأي أخبار جديدة (كما يأمل كل مرة) ، أدعي أنا أن موته لن يشكل فارقًا كبيرًا في حياتي ، ولكنني تساءلت اليوم هل سأفتقد هذه المكالمة عندما يرحل ؟ هل أحبها أصلًا ؟ بالتأكيد أنا أحمل همًا كل خميس في كل مرة يرن بها هاتفي وأرى اسم المكان الذي يتصل منه ، ولكنني في داخلي أطمح عندما أجيب على المكالمة أن يكون بصحة جيدة وأن يكون صوته جيدًا فقط ، ولطالما ذكرت ذلك ، آمل لوالدي أن يعيش بصحة جيدة بعيدًا عني ، ما حدث لي اليوم من مشاعر لا أستطيع تمامًا فهمها ولكن وكأن صوتًا ما يقول لي (هو الان يكلمك كل خميس من سنوات بنفس الروتين ونفس الطريقة ونفس الأسئلة ونفس الأجوبة ونفس البرود المشاعري من الطرفين مكالمة ما تتجاوز ٤٠ ثانية بس بيجي يوم هذي المكالمة راح تنقطع وللابد) هل هذا الصوت يطلب مني الامتنان لهذه المكالمة ؟ تقديرها مثلًا ؟ أم ماذا ؟ لا أدري

أعترف ؟ يمر بعض “الخميسات” دون أن يهاتفني و نعم أقلق لأنني أتسائل إذا ما حدث له عارض صحي منعه من مهاتفتي

الفكرة الثانية المسيطرة على عقلي هو أنني أريد أن أهرب من الرياض ، هناك صوتٌ في داخلي يخبرني بهذا الأمر ، ونعم تبدو فكرة لا منطقية بالمرة ولكن هذه هي طلبات الروح ليس بالضرورة أن تكون منطقية أو واقعية ، أشعر أنني سأزهر في مكانٍ آخر ، أشعر أن قربي من عائلتي يضعفني ويخرج نسخةً قديمة لا أحبها

هنا منزلي (الملك) وهنا أهلي وهنا عملي ومجتمعي وكل حياتي ، ولكن أريد أن أهرب لا أدري كيف ولا إلى أين ولكنني أريد أن أبتعد ما استطعت.. أفكر بعد الاستقالة من عملي (لا أدري متى) أن أجرب الحياة في مدينة الخبر لأنني أحبها وهي ليست بعيدة بالمرة عن الرياض فعندما أشتاق لماما أو لأختي الصغيرة أستطيع الذهاب إليهما بسهولة

أفكر أحيانًا بجدة لأنها مدينة بسيطة و سهلة ولكنني لم أجرب بعد طاقتها ولا شعوري تجاهها

أفكر أيضًا بالذهاب إلى بعثة فنية تابعة لوزارة الثقافة لدراسة الفن لمدة سنتين في لندن أو نيويورك ولكنني أتردد جدًا بشأن هذه الخطة لأنني أشعر أنه (توو ليت) لدراسة شيئ يتطلب منك سنتين من عمرك وأيضًا أشعر برغبة بالارتباط والزواج في المستقبل القريب وهذه الخطة لن تدعم ذلك  

وطبعًا ليكن بحسبانكم أنني لا أملك أي خطة بديلة بعد الاستقالة ، لا أدري كيف أو من أين سأصرف على حياتي

هناك نقطة ربما من الضروري أن أذكرها أيضًا ، لقد بدأتُ منذ أشهر مرحلة الانفصال (الطاقي ربما) عن أختي لذلك أنا أحمل اتجاهها الآن مشاعر سلبية جديدة لم أكن أملكها فيما مضى لذلك استطعتُ بجرأة أن أطلب منها زيادة مرتبي عندما قررت تعيني كمدير مكلف ، والآن أشعر أنني أمتلك القدرة الكافية على مغادرة العمل والتحليق مجددًا في حياتي

أنهى جميع الموظفين ورشة العمل وسيبدأون بالدخول إلى مكتبي وسأعاود العمل مجددًا ، لذلك (مع السلامة)  

اكتب تعليقًا