يا ليتهــا كانت القـــاضية !

–        لا تغادر يا أبي !

–        يجب أن أذهب ، يجب أن أجد لكم الطعام يا ولدي وإلا هلكنا  .. “قالها بانكسار وهو يرمق ابنه وزوجته الدامعة”

–        ستتيه وسط الصحراء الكبيرة يا زوجي .. أرجوك فقط اصبر وسيأتوننا بالمعونات اللازمة ..

–        انظري ! إنها ليست المرة الأولى التي نظل قرابة الشهر بدون معوناتهم سأذهب أنا وباقي الرجال .. سنبحث عن الطعام والشراب “أتم جملته وهو يسير باتجاه رفاقه ، ثم غادروا المكان ..

                               —

..

كانت الشمس تحتضنهم بلهيبها ، تماماً كحضن الأم القوي الدافئ لابنها الصغير .. بكاء البطون الجوعى .. وبكاء أجسادهم المهلكة .. وبكاء النساء فَقـدَ رجالهم .. فعلاً إنها حال بائسة ! وسط صحراء فاحشة الاتساع .. إنهم باختصار نقطة عذاب وسط كون شاسع !

                                      —

خطوات أطفال تتهافت .. تعلن عودة آبائهم من رحلة البحث .. وضحكات خفية خلف دموع النساء الكسيرة .. ولكن !!

–        أبي ما الذي حصل ؟  أيـــن الطعام ؟ ” لم يتم الفتى جملته إلا وبكاء الأطفال من حوله يعلو .. ويعلو .. ” 

وآخرون هناك :

–        ما هذا ؟ طفلي سيموت ! أين الطعام ؟ أريد أن أطعمه .. لماذا لم تأتونا بالطعام ؟  ” قالتها بهستيرية الهالك من الجوع .. ثم سقطت مغشياً عليها “

موت يومي ، وأمراض ، وحرقة شمس وقلب ، وربما جنون ! ..

 

صوت مركبة قادمة كانت كفيلة بإخراج أهل المخيم كلهم باتجاه ذلك الصوت .. إنه أمل الحـياة .. ربما كان الأخير !

العيون الحيرى كلها تتجه صوب ذلك الرجل الحسن الهندام والمظهر القادم من تلك المركبة ..  

–        أهلاً يا رفاق ! ” قالها بابتسامة  ثم أكمل حديثه متجاهلاً فضول أعينهم .. وربما أملها “

–        امممم أعلم أنكم تبحثون عن الطعام .. والدواء .. والمسكن .. أنا هنا ومعي رفاقي “ويشير بيده نحو المركبة” .. نحن هنا لتعطيكم كل ما تحتاجون .. وكل ما تأملون .. سنوفر لكم المساكن .. ونعطيكم الدواء .. وكل ما تطلبونه ..

حديث سريع مثير دار في أعينهم .. لأن المسألة كانت أكبر من لسان ينطق ! .. لأنها كانت ببساطة .. أمل بالحيــاة جديد !! ..

وآآآهـ من حياة بعد موت .. إنها لذيذة الطعم والمعنى ! من كان يتخيل أنه من الممكن أن ننهي تلك الحياة البائسة .. من كان يتصور أن ابني يدرس في المدرسة ! .. وأننا نأكل ما لذ وطاب من الطعام والشراب ..

–        إنني هنا .. ” قالها ابنها قاطعاً بذلك سيل أفكارها المنعشة”

وبحب الأمومة قالت : أهـــلا يا ولدي .. كيف كان يومك الدراسي ؟

–        جميل للغاية !

–        وماذا تعلمتم اليوم يا عزيزي ؟

–        تعلمنــا كيفية الإيمان بربنا المسيح وتعلمنا كيف أنه مخلصنا وكيف أن أولئك الرجال حينما انتشلونا من أوحال فقرنا ليسوا إلا خدماً للمسيح .. أتعلمين أمي .. لقد قالوا أنه أمرهم بمساعدتنا لأنه يحبنا امممم وتعلمنا أيضاً آه تعلمنا طريقة الصلاة وتعلمنا …….وتعلمنا ……

وتعلمت أنا أن أعدائنا يضعون جل اهتمامهم بهؤلاء .. ونحن في سباتنا خالدون ..

وتساءلت بألم : أينا أحق بهم ؟ ..

+ صيـاغة القصة ليست مبهرة ، وكذا أسلوبها ( لي علم سابق بذلك ) ، ولكنني قد كتبتها منذ فترة طويلة ، أضف إلى أن مغزى القصة هو الأول هنا ..

+ العنوان ، هكذا خطر على بالي – دون سبب –

6 تعليقات

  1. أفاتار Saroona Habis Saroona Habis كتب:

    هَهْ
    ما يضحكني بحيره : هي تلك الأصوات الجشعه المثيره للشفقه
    حين ترد على نداءات جمعياتنا الخيريه بـ [ وش يثبت لي انهم صادقين ] !!!
    و أخجل كلما رأيت ذوات الأحذيه الفاخره يرون أن قيمه أحذيتهم صدقه مبالغ بها للغايه !

    لا تحزني نون ,‘
    للدين رجاله ونساؤه ..
    كانوا وسيبقون ما شاء الله لهم ..
    كل الرجاء ان يظهروا !
    وان يظهر أثرهم ..

    ..
    يؤسفنـي حقيقه , اكتشافي المتأخر لمدونتك !
    سـَ أتابع ‘ أعدك ..

    1. أفاتار Noura almngzh كتب:

      لقد بُح صوتي ، وجف دمعـي وأنـا أحكي وأبكي
      قد قلت ولا أزال أقول .. ( نحن لم يقتلـــنآ سوا الحذر – الزايد – )

      أستغرب أنهم يجهلون أن ( النية ) وحدهـا تكفي عند الصدقة
      بغض النظر عن وصول الصدقة إلى أهلها المستحقين لها ، من عدمه

      ولكنه يفرحني جداً ( جداً ) حضوركِ هنا ..
      سوبر ( رأيك ووجودك هنا رقم وآحد عندي ❤ )

  2. أفاتار NiNa NiNa كتب:

    جميل ..
    الى الأمام نون ^_^

    1. أفاتار Noura almngzh كتب:

      شكراً ^^
      أهلاً بكِ كُل يَوم ..

  3. “وتعلمت أنا أن أعدائنا يضعون جل اهتمامهم بهؤلاء .. ونحن في سباتنا خالدون ..”

    شاكر طرحك للموضوع

  4. محزن حقًّا هو حذرنا ” الزآيد” فبسببه ضاعت أمتنا ..!
    كلماتٌ تُكتب بمآء الذهب ..
    رائعه انتِ يا نُون .. استمتعتُ بقراءه احرفك ..
    جوزيتِ جنّةً عالية بصحبة نبينا محمد صلّى الله عليه وسلم

اترك رداً على NiNa إلغاء الرد