أنـا أعي شيئًا فشيئًا. إنني أكبر
وهذا خبرٌ ليس بالسعيد ولا المذهل .

ما أعذب غموض الأشياء ، وما أجملنا محمّلين بالسعادة ولا نعي غيرها ونظن أن الحياة خيّرة و وردية وأن الأشرار ليس لهم وجودٌ إلا على شاشة التلفاز ..
ما أعذبنا أطفالًا جُهّالًا سُذّج .

يؤسفني أنني بتُ مؤخرًا أحن إلى مدونتي في أشد لحظاتي حزنًا ، إنه شيءٌ ليس لصالحي
ليس طيبًا أن أقرأ مدونتي بعد مضي زمنٍ لأسترجع سلسلةً من الأحداث الحزينة
يجب أن يكون الفرح حاضرًا ومنتصرًا على خصمه وسأحاول جاهدةً تحقيق ذلك .

إحدى صديقاتي كنتُ معها لسنواتٍ كثيرةٍ جدًا كنت أراها أختًا قبل أن تكون صديقة ..
فكنتُ أحدثها كما تحدثُ الأختُ أختًا لها..
أخبرتها عن أشياءٍ لا تُقال إلا للشقيقة …
كنتُ كتاباً مفتوحًا لها .. كانت الأولى في حياتي ..
ولكن النعمة النقمة أنني وعيتُ يومًا. كبرتُ يومًا لأجد أنها لم تحدثني يومًا عن خفاياها كما كنتُ أفعل ، ولم تعاملني يومًا كالشقيقة كما كنتُ أفعل ، ولم أكن الأولى في عالمها كما كانت .
لقد كان أشبه بالاستيقاظ من حلمٍ جميلٍ امتدَ لسنوات. لم أعد أكتفي برؤية القشور
أصبحتُ أكثر وعيًا بشأن الأشياء التي لا تُرى بسهولة .
والنتيجة لم تكن طيبةً بالتأكيد ، شعرتُ أنني كنتُ أعيشُ في خدعةً محبوكةٍ من فتاةٍ وعت قبلي بزمنٍ طويل ، واستغلت مكر النساء في الحفاظ على صداقتنا غير المتكافأة .
إنني أحبها بالمناسبة ولو التقينا مجددًا لاحتضنتها شوقًا ، لكنها لا تقبل بالأحضان ! ، تحب أن تكتفي بسلامٍ بارد . للتو وعيتُ أنني كلما حاولتُ احتضانها كانت تبتعد عني . للتو ، للتو!
يا إلهي ! لو استمريتُ بطفولتي فالأمر يزداد إثارةً للشفقة ..
ولو كبرتُ أكثر فالأمر يزداد شعورًا بالوحدة والخوف ..

أصبحتُ أحلل كل شيء .. وأدرك أن خلف ابتسامة أمي هناك قصةٌ أخرى .. وأن خلف تصرف أختي معنى ومعزى

أفتقد الجمال الكامل ، والسعادة الكاملة التي كنتُ أمتلكها في طفولتي
وكانت أكثر الأخبارِ وحشيةً على وجه الأرض هو أن
الأشرار في شاشة التلفاز ليسوا سوا انعكاسٍ للأشرار الذين في كوكب الأرض
إلا أن الفارق الوحيد هو أن الأشرار في عالمنا أكثرُ وأخبثُ من الأشرار على شاشة التلفاز .

لا يجدر بي أن أبتسمَ بعد استيعابِ خبر أسودٍ هكذا ، ولكنني لا أزال أمارس التفاؤل .. وأكثر ما أفعله في يومي هو أن ألقي ابتساماتٍ طيبةً بلهاء على الجميع .

يؤلمني أن الذين كنتُ أراهم ملائكة في طفولتي لم يعودوا كذلك ..
يؤلمني أن أحبابي مليئون بالجروح الخفيّة التي أعرفها مهما أخفتها تصرفاتهم السعيدة ..
يؤلمني أن أهم الأشخاص في حياتي يملكون الكثير من الآلام .

يصر نُضجي أن يخبرني أن هناك حقيقةٌ مخيفةٌ دائمًا . يصرّ نضجي على أن يفقدني سعادة الأطفال ، وأن يفقدني سذاجتي وحُسن نيتي
يصرّ نضجي أن يُصعّب عليّ الحصول على السعادة يصرّ أن يجعل الطريق طويلًا ومعقدًا لكل شيء.

ورغم ما تلقيته من لسعاتٍ كانت ثمنًا لوعيي ونضجي أدرك تمامًا أنها البداية ..
وأنني حتى الآن لم أكبرُ بما يكفي ولم أنضج بما يكفي ..
يبدو أن الطريق طويلٌ وشاقّ .

اكتب تعليقًا