3-10-2025

أعود للرياض

بعد رحلةٍ دامت أربعة أيام في المدينة المنورة 

حاولت استشعار الراحة هناك ولكنني لم أحصل عليها بشكلٍ خاص ولا أدري ما السبب 

يكمل أهلي رحلتهم نحو مكة المكرمة وأنا عدتُ وحدي هنا ، آه هناك خبرٌ سعيد يستحق المشاركة ، ولأول مرةٍ في حياتي أحصل على عرض عمل بعيد عن شركة أختي ، في المكان الذي أحب ! 

وبالطريقة التي أحب ! 

في المكان الذي أستمتع بالذهاب إليه كل جمعة 

لهذا السبب عدتُ إلى الرياض لمباشرة العمل ..

أعترف؟

أفقد شغفي في الكتابة هذه الأيام لأنني أدمنت مسلسلًا تركيًا جديدًا أريد أن أنهيه بأسرع وقت لأنني أشعر أنه “يشلني” عن القيام بالكتابة أو ممارسة أي نشاط آخر ..

أتوقف الآن عن الكتابة رغم أن في جعبتي الكثير ، ربما لاحقًا … 

لم أعد أشعر بالأمان في مدونتي ..

تراودني هذه الفكرة هذه الأيام 

في الوقت الذي تزداد فيها أرقامي على “الانترنت” 

يزداد قلقي .. 

عمر مدونتي الآن 13 سنة .. وهو عمرٌ أفتخر به لحد الجنون ! 

في أولى سنواتي “ربما السنتين الأولات” كنتُ أكتب مقالاتٍ عامة ، وأنشر مدونتي في كل مكان تحت اسمي الصريح .. لاحقًا توقفتُ عن نشرها .. لم أعد أربطها باسمي .. توقفتُ عن التصريح باسمي الكامل .. أصبحتُ باختياري أكتب بشكلٍ مجهول ويقرأني أشخاصٌ مجهولين .. ومنذ تلك اللحظة ، أصبحت مدونتي ملجأي و سكني و علاجي .. تعريتُ أمام نفسي وأمامكم في كل تلك السنوات .. رأيتموني بحقيقتي المطلقة .. وحدثتكم بأشياء من المستحيل أن أخبر بها أحدًا .. لا أدري لماذا اخترتم متابعتي ولماذا أنتم مستمرين بها .. ولكنني أحب علاقتنا المجهولة هذه .. تعجبني هذه الفكرة الغامضة وهي أنني أكتبُ الكثير من الأسرار واليوميات عن حياتي الشخصية وأنتم تقرأونها .. لا تعرفونني بشكلٍ شخصي ولا أعرفكم بشكلٍ شخصي .. 

ولكن يؤرقني مؤخرًا احتمالية أن يربط أحدهم مدونتي بشخصي الحقيقي وهي فكرة مرفوضة بالمرة ! 

لا أستعرّ من أي شيءٍ في كتاباتي ، على العكس .. تحمل مدونتي قصص كفاحي ونجاحي وفشلي وإخفاقاتي .. عرضتُ نفسي كإنسانة (خام) 

رأيتهم وجهي الحقيقي والوحيد هنا .. 

هذا الوجه الحقيقي الذي لا أقبل أن يراني به أقرب الأقربين .. ولا أحب بل وأرفض تمامًا أن يعرف الناس من حولي هذه التفاصيل .. 

لذلك لا أدري ما هو الحل … ولا أدري هل مخاوفي في محلها أم لا .. 

خيار التوقف عن الكتابة هو خيارٌ مرفوض بالتأكيد .. وخيار التوقف عن مشاركة الأحداث المهمة في حياتي كذلك مرفوض .. 

يغلبني النعاس، لا أجد حلًا .. 

19-9-2025

لا أدري كم مضى على رحيلك 

ربما عشرة أيام 

تحل على قلبي مشاعر إيجابية لا أدري ماهو تفسيرها ..

أشعر أنني أريد أن أحب الحياة أكثر ..

أشعر أنني أرغب بالمجازفة بكل شيء ..  

ربما هناك يقينٌ ما في داخلي أن كل شيءٍ من الممكن أن يذهب بغمضة عين .. 

لذلك (عيشي الحياة كاملة) هل هذه هي النصيحة التي خرجتُ بها ؟ لا أدري 

لستُ متأكدةً من شيء .. ولكنني أنقل شعوري اللحظي كما هو .. 

حتى أن رغبتي في الارتباط باتت باهتةً الآن .. (ربما هذه اللحظة فقط) في حين أن رغبتي في النجاح و اكتساب المزيد من الأموال أصبحت في ازدياد .. 

لا أستطيع تفسير ما يحدث في داخلي من مشاعر .. هل هو شعور الأمان الأبدي الذي حل علي بعد رحيله ؟ هل رحيله مرتبطٌ بانفراجات نفسية أو حياتية معينة ؟ إذا كان الجواب نعم فلماذا .. لا أدري 

من أعظم الحسنات التي حلت علي أيضًا أنني تصالحتُ (فجأة) مع فكرة الموت !!! 

لمن تعد هذه الفكرة ترعبني … في اللحظة التي رأيتُ فيها جثته حلّ عليّ شعورٌ بالسكينة يصعب وصفه .. رأيت بقايا أخي .. لم أره بشكلٍ مباشر .. 

لأن روحه صعدت للأعلى .. ولم يبقى إلا جسده .. لديّ إيمانٌ عميق أن الروح تشكّل الجزء الأكبر من الإنسان .. لذلك عندما رأيت الجثة .. كانت جثة .. كانت جسدًا فقط … إنما أصله و غالبه ذهب بعيدًا لمكانٍ أفضل .. هذه الفكرة مطمئنة ومريحة .. وأشعر أنها حررتني من رعب الموت … ومن رعب فقد أحبابي ..

لاسيما أن موضوع الروح كان حاضرًا ولا يزال في ذهني منذ سنةٍ ربما ، لطالما تأملتُ في الناس وأرواحهم .. عندما نرى شخصًا وننسحر من جماله (رغم عدم كونه جميل) ولكن روحه جعلتنا نراه جميلًا .. أو أننا نرتاح أحيانًا لأحدهم لأنه روحه مريحة .. و أقيس القصة على نفسي .. أفكر دائمًا بأهمية أن تبقى روحي حلوة .. روح صافية ومشرقة .. لأنني على يقين أن كل شيء يبدأ بالروح وينتهي بها .. 

كما أنني من حسنات ما حدث لي أنني أشعر أنني قادرة على مواجهة الحياة أكثر مما سبق .. أشعر أن الفقد هو آخر طبقة من طبقات الألم والحزن .. وما دام أن الحياة أذاقتني إياه فلدي حصانةٌ لأي مصيبةٍ أخرى لأنها على الغالب لن تكون أكثر ألمًا من الفقد .. 

ولدّ لدي هذا الحدث الكثير من الشجاعة لمواجهة الحياة .. هل أقول أنني أصبحتُ أكثر جرأة مما مضى ؟ أو قوة ؟ ربما 

لا يزال الحدث في أوله ، ولا تزال أفكاري وخواطري (فرش) ولكنني أدون حديث اللحظة لا أكثر … 

“عندما يموت الخوف تبدأ متعة الحياة” 

لا أصدق أن مصدر رعبي الأكبر رحل عن الحياة
لو كنتُ في حياةٍ شديدة الأنانية سأقول (وأخيرًا)
حتى أنني كنتُ أتحدث مع أختي وكانت تتألم عندما تستذكر أنها لطالما تمنت رحيلك ..
أنا لم أكن أتمنى رحيلك يومًا ولكنني تمنيتُ أن تعيش سعيدًا بعيدًا عني ..
لطالما كنتُ متمسكةً بأملٍ هزيل (ربما لوحدي) أنك ستقرر يومًا ما أن تعيش ..
حلمتُ كثيرًا لأجلك ، (يارب يحب وحدة) أدرك أن الحب بإمكانه أن يصنع المعجزات ، أن يلين قلوبنا ويجعلنا نرى الحياة بشكلٍ هادئٍ أكثر ..
لكن ذلك لم يحصل ..
دار حديثٌ بيني وبين بعض صديقاتي بالأمس عن أكثر رؤيا مرعبة نراها في منامنا دائمًا ، جوابي كان أنت .. هل تصدق ؟ تزورني كوابيسٌ دائمًا (ومنذ أن خُلقت) بطلها هو أنت .. أستيقظ باكيةً ومفجوعة .. أطمئن نفسي أنكَ لستَ هنا .. وأنني بأمان ..
اه على سيرة الأمان ! هل تصدق أنني أحلم يومًا أن أسمي ابنتي (أمان) لأنه الشعور الذي لطالما أفقدتي إياه ..
يبدو وبشكلٍ منطقي أن رحيلك هو إعلانٌ أبديٌّ للسلام في عائلتي …
لم يعد يخيفني شيء .. ولم يعد هناك اعتبارٌ لأفكاري التي لا تتوقف عن احتمالية عودتك المفاجأة لمنزلنا في أي لحظة ..
في كلٍ مرةٍ تعود إلينا أضع يدي على قلبي المرتجف … أتسائل (ياربي) من سيموت من بينهم !
هل ستنجو ماما هذه المرة ؟
رغم ذلك أنا لستُ سعيدةً برحيلك .. هل تصدقني …

لا أحب النهايات الحزينة ، ولا أقبلها …
لم تأخذ من الدنيا سوا ألمها .. لم تحظَ يومًا بشيء .. جارت عليك الحياة .. الألم الذي أذقتنا إياه هو نقطةٌ من اللهيب الذي يحرق روحك كل يوم .. أدرك ذلك تمامًا .. هل أستطيع القول أن حظك الوحيد أنك رحلت ؟ لمكانٍ أكثر رحمةً من هذه الدنيا ؟

هل تراني ؟
هل تقرأ ما أكتبه عنك ؟
هل رأيت انكسار والدي و أمي برحيلك ؟
هل صدقت الآن بأنك عزيزٌ على قلوبنا ؟
لم تكن تستطيع رؤيةً هذا الحب في حياتك ، ربما تستطيع الآن أن تراه ..
لا يزال رحيلك حلمٌ لم أستطع تصديقه ، أو ربما لا أريد ذلك …

١٣-٩-٢٠٢٥ / السبت
مرحبًا مجددًا ..
مضى على رحيلك ستة أيام ..
الساعة الخامسة فجرًا ..
لا نستطيع النوم أنا وأختي صغيرتي .. نتحدث قليلًا عن كل شيءٍ إلا عنك ..
نحاول أن نتناسى مصيبتنا … نتحدث عن عنايتي الجديدة بشعري وهي تحدثني عن صديقاتها .. (نحش) قليلًا عن الناس الذين زارونا في أيام العزاء الثلاثة ..
أعطي أختي حبوبًا منومة لعلها تستطيع النوم ..
هذه الأيام أختار أن أنام معها بالغرفة في منزل ماما .. لا أستطيع مفارقتهم هذه الأيام .. يبدو الأمر مستحيلًا بالنسبة لي ..
ولا أدري متى سأغادر منزلهم وأعود لبيتي ..

اليوم هو ثالث أيام العزاء ، ولا أدري هل سيزورنا غدًا المزيد من المحبين أم لا ..
ماما تبدو في حالٍ أفضل .. لا يزال أحبابها حولها ، لم يخلو البيت بعد ولم تخلو لوحدها مع أفكارها وآلامها ..
أريد أن أمحي حزن أمي ، أريد أن أعطيها سعادة الدنيا … أريد أن أطبطب على قلبها .. أريد أن يحدث تدخل ربانيّ ليجبر كسرها ..
هذه الأيام تبدو ثقيلة ..
ولكنها على الأكيد ستمضي ..

لا يفارقني وجهك في المغسلة
تبدو نائمًا ..
قلتُ لك : أنا آسفة إني ما رديت على رسايلك ..
هل سامحتني ؟
رحل جسدك ولكن روحك أصبحت حرة في مكانٍ ما .. بالتأكيد هي ترانا .. وترى كم نحمل لك من الحب … لم تكن تستطيع رؤية هذا الحب عندما كنت على قيد الحياة … ولكنني أتمنى أن تراها بوضوحٍ الآن ..

في المغسلة، كنتُ الأكثر تماسكًا.. لا أستطيع نسيان صراخهم وبكائهم ، كنتُ أتجنب النظر لماما لأنها أصبحت كالطفل ، تكومت على نفسها وبدأت تبكي كالأطفال بنفسٍ مقطوع .. لا أستطيع فعل شيء .. تقف جانبها أختي الكبيرة وزوجة أخي .. أختي الصغيرة (صغيرتي) انهارت مفجوعة .. يؤلمني قلبي عليها .. أما بنت أختي الصغيرة والتي لم تخطط للسلام عليه وجدت نفسها في منتصف الغرفة تبكي مرعوبة و متفاجئة من هول المنظر .. لا يزال قلبي يعتصرني على أمي وهي تصرخ (يالله) (يالله) .. بدون شعورٍ مني فتحتُ آيات السكينة لعلها تنزل كالبلسم على قلبها وقلوبهم ، المفارقة العجيبة والمؤلمة أنني لطالما فتحتُ آيات السكينة ذاتها في كل مرةٍ يصنع بها أخي مشكلةً في المنزل ، آخذ أختي الصغيرة ، نصعد للأعلى ونقفل الباب على أنفسنا ، نبكي ونرتجف وأفتح لي ولها آيات السكينة ، أرفع الصوت عاليًا لكي يشتتنا عن صوت الجريمة التي تحدث بالأسفل ، يسير بنا الزمن يا أخي وبعد سنواتٍ كثيرة .. أعود وأفتح هذه الآيات بسببك مجددًا وبحضورك مجددًا ولكن هذه المرة لكي نهدئ روعنا من فقدك .. أرعبتنا حينًا وميتًا .. أبكيتنا حيًا وميتًا ..

قبل ليلة من انتحاره يحاول التواصل معي
أختار ألا أجيب عليه ..
لاحقًا وبالأمس وبعد وفاته .. أحاول قراءة جزء من الرسايل …
كان يخبرني أنه وجد طريقةً جديدةً لإنهاء حياته ويأمل أن تنجح معه هذه المرة وسيقوم بتجربتها ..
هل كان ينتظر ردي ؟ هل كنتُ طوق النجاة الأخير ؟ الكثير من الأسئلة لا تتوقف عن رأسي ..

اليوم هو ثاني يوم بعد خبر الوفاة …
سيصل جثمانه للسعودية غدًا فجرًا ..
سأقابله غدًا في المسجد ، سأودعه ، وأستسمح منه