ينزع الله من قلبي شعورًا لم أكن أظن زواله مني بسرعة .. أستشعر قدرة الله فيما حصل

يبدو الأمر وكأنه معجزة ، في اللحظة التي ظننتُ فيها أنني سأبكي وأحزن ويتيه فكري أيامًا وأيام .. يثبّت الله لي عقلي ..تبدو روحي هادئة .. بدا لي كل شيءٍ ساكنًا ، لا مشاعر حزن ولا مشاعر فرح ..

أشعر بالتسليم ، أشعر أنني لا أتألم .. أشعر بالتعقل والنضج “غير المفتعل” … أشعر بالحكمة تملأوني ..

لمن أنسب هذه البركة والراحة ياربي ؟ لأن ما حصل لي الآن لم يحصل لي من قبل ولا أدري ما سر ذلك .. أشعر بشغفٍ لمعرفة السر ..

لأن ما أعيشه في داخلي شعورٌ هادئٌ مريح ..

أستشعر الآن .. تمامًا .. المعنى الحرفي “للنزع” والتي ذُكرت في الآية الكريمة {ونزعنا ما في قلوبهم من غلٍ إخوانا} .. مذهل!

لا يزال في جعبتي المزيد ولكنني لا أستطيع إكمال هذه التدوينة التي بدأتها صباح اليوم وأعود الآن في منتصف الليل لإنهائها ، لأن الصداع يتملكني هذه اللحظة .. وحيدةٌ في غرفتي .. كل شيءٍ هادئ .. ولكن رنينًا يدق في أذني يجعلني في بعدٍ آخر .. لا يشبه الواقع ولا يشبه الأحلام .. بين بين ..

أراجع الأعراض النفسية للصداع ولا أشعر أن شيئًا منها يمثلني .. أما الأعراض الحقيقية فنعم ، هنالك سببٌ منطقي لما حصل .. أخرج اليوم إلى عيادة الجلدية بشعرٍ مبلول .. ثم أجلس هناك أمام المكيف .. لن ألوم نفسي لأنني مللتُ من ذلك ولي ذاتُ الأعذار دائمًا ..

الكونسيرتا أيضًا تسبب الصداع لبعض الأشخاص وقد فعلت ذلك بي في أول الأيام فقط .. فهل من المنطقي أن يختار الصداع أيامًا دون أيام ، لا أدري ..

يزعجني هذا الصداع المضاعف .. حتى أنه كاد أن يوشي بي اليوم .. وقد كان اليوم يوم “العيلة” وكان منزلنا ممتلئً بعائلتي .. أشعر بالدوار و أكاد أفقد إتزاني كلما وقفت وقد شعرتُ بأنني على وشك فقدان الوعي لمرتين .. ولكنني كلما شعرت بالسقوط تماسكتُ في داخلي .. فآخر من أرغب أن يشاهدوا ضعفي هم عائلتي ، أمي على وجه الخصوص .. يجب أن أحافظ على صورتي القوية أمامها ، لاسيما أنها أصبحت الوحيدة التي سترافقني إلى دبي ، وبصفتي “الليدر” في هذه الرحلة ولكي تشعر أمي بالاطمئنان .. يجب ألا تختل صورتي القوية أمامها ..

يزداد حبي لنفسي اليوم ، وبفضل حدثٍ ما .. وبعد قرارٍ ما .. أثبتُ لنفسي أن لي قلبًا عطوفًا مراعيًا ..

ففي الوقت الذي كنتُ أظن فيه أنني لا أكترث لأمر الآخرين أو لجرحهم ، وأنني أقدم مصالحي قبل كل شيء ، وفوق كل شيء .. تصرفتُ بطريقةٍ مغايرةٍ تمامًا .. اخترتُ التخلي عن قول الحقائق الجارحة ، فقط لأنها جارحة .. لأنني لا أريد أن أؤذي أحدًا .. هذه حقيقتي وهذا أنا .. والحمدلله أنني شهدتُ هذا الجانب المراعي مني .. شكرًا لمواقف الحياة الشائكة التي تخرج معدننا الأصلي ..

أظن اللحظة الذهبية لممارسة التأمل قد حانت .. هذا الصداع يستمر بجعلي أعيش شعورًا لا ينتمي للواقع .. الرنين المزعج الممتلئ بالسكون يدعوني للبعدعن كل شيء .. والغرق في عالمٍ بعيدٍ جدًا ..

أقرر الخروج مع أصدقائي للحصول على مزاجٍ سعيد ، هذا لا ينجح .. يختار الأصدقاء مكانًا متخصصًا بـ “السوشي” بالعنوة لأجلي ، ولكن ولأنهم لم يعرفوني كفاية .. فقد كان مكانًا صاخبًا بالبشر وصاخبًا بالموسيقى و ذو إضاءةٍ خافتة .. أجواءٌ كهذه تخرج النكدية التي بداخلي دون أن استطاعةٍ مني للتحكم بها ..

لهذا لم يبدو للسوشي أي لذة ، ولا لحواراتهم الممتعة نكهة ..

لا أدري هل كان الجو شماعةً لعدم استمتاعي أم أن هنالك أسبابٌ أخرى ..

بعد ثلاثة أيامٍ من الرشح المزعج بدأت ترتفع حرارة جسدي اليوم .. وربما كان لذلك سببٌ في تعكر مزاجي ..

هل يزيد معدل الحساسية تبعًا لحرارة الجسم ؟ ربما .. لأنني بدوتُ هشةً اليوم ، وعلى حافة البكاء ..

يحدث أن أجلس مع صديقتي وأفضي لها همي بطريقةٍ ليست كتلك الطريقة التي رسمتها بخيالي ..

ثم لا تكتمل الحكاية ، ولم أكتفِ من لقائي بها .. كان كل شيءٍ على عجالة ..

يحدث أن يحل في قلبي الشكّ تجاه نوايا الآخرين ، وقد كنتُ الأكثر براءةً في هذا العالم .. ولكن تجربة السيد الكاميروني البغيض جعلتني أعيد النظر في كل شيء .. الصديق الجديد والذي قدم لتوه من جدة ، بدا لطيفًا كأهل جدة ، منفتحًا مثلهم .. و قد كنتُ أبرر فيما مضى للآخرين طباعهم وفقًا للمكان الذي قدموا أو نشأو به ، ولكن هذا لن يحدث بعد اليوم ، كما أنني -وبشكلٍ شخصي- لا أستطيع تقبل الاهتمام من الطرف الآخر في مراحل الصداقة الأولية .. يجب أن يأتي كل شيءٍ بشكلٍ متدرج ومتوازن .. وعلى مهل ..

منذ اللحظة التي قررت فيها الانفتاح على هذا العالم واكتساب المزيد من الصداقات ، بدأ العالم يعطيني .. من المبهج جدّا أن أجد صديقًا يشاركني الاهتمام بالمواضيع الروحية .. لهذا عندما التقينا ، تحدثنا الساعات الطوال ، بدا حديثنا عميقًا ، عذبًا ، لامسني .. كيف أننا استطعنا ومن أول لقاء “طويل” الحديث بكل انفتاحٍ ورقي عن “الله / الجنس” وهما من أكثر المواضيع المحظورة في هذا المجتمع .. حدثني عن تجاربه الروحية ، والمعلمين الروحيين الذين تتلمذ على يدهم .. كان حدثه ملهمًا لي ..

يحدث أن يصله نبأ مرضي اليوم ، يبدي اهتمامًا شديدًا لا أستطيع قبوله من صديقٍ جديدٍ في حياتي .. يزعجني أنني بدأتُ أفشل في تخمين النوايا الحقيقية للأشخاص من حولي ..

أحب أن تعود البريئة التي بداخلي والتي ترى الحياة بمنظورها الطيب .. هذه الطريقة في الحياة أدعى للسلام .. والله خيرٌ حافظا !

يهاتفي أخي من وسط سباته القاتل غاضبًا .. يلومني بسبب حجزي له مقعدًا معي لرحلتي القادمة إلى دبي .. يحدث أن ينسى غدائنا سويةً عندما كنتُ أحاول إقناعه أن يرافقني إلى هناك ليستعيد بهجته للحياة .. يقتنع ، يوافق ، يخبرني أن أوافيه بموعد الرحلة .. بدا لي اليوم وكأنه نسي كل شيء وغرق في هاويةٍ جديدة .. أعتذر لما حصل ، وأطمئنه أنه مخيرٌ بالذهاب والكلمة الأخيرة تنتهي إليه ..

أنا أيضًا لا أريد الذهاب ! ولم لم تكن رحلة عمل لاخترت تأجيلها .. فلدي هذه الأيام هوس عمل إيجابي جاء بالتزامن مع تحسنٍ مرضٍ في عملي ..

بدأت -مؤخرًا- لا أستبعد أن يصلني يومًا نبأ انتحاره .. وهذا اختياره بالنهاية ! وله الحق في رسم حياته وإنهائها بالطريقة التي يراها تناسبه .. هذا جنون ، وكدرٌ جديد سيتجدد في قلبي وقلب أحبابي .. ولكنني أشعر بالممل واليأس والإحباط منه .. ولا أتوقع أي تحسنٌ قد يحصل في حياته المدمرة إلا أن يشاء الله .. أيًا كان الذي سيحدث ، يكفيني يالله ألا يحدث داخل أسوار منزلنا فأنا لا أتحمل تخزين المزيد من المشاهد البشعة في ذاكرتي ..

أحداث سعيدة في يومي ؟ امممم

تبدأ مساعدتي الجديدة “رهام” يومها الأول .. هالتها مريحة ، وأشعر أنها مجدةٌ في العمل ..

تحسنٌ إيجابي في عملي ، والمؤشرات تتجه لأعلى ..

سعدت اليوم لأختي اقتنائها وبعد أشهرٍ من التفكير سيارتها السوداء الجديدة Mercedes benz أرجو أن يكون قرارها سديدًا حتى النهاية ..

اقتربت الساعة من الثانية بعد منتصف الليل

يبدأ عقلي بالهلوسة ، يتضاعف الصداع تزامنًا مع حرارة الجسم .. وبالعنوة لا ولن أتناول أي دواءٍ مسكن .. يكفيني من السموم الكيميائية الكونسيرتا ولا أقبل أن أحمّل جسدي أي سمومٍ أخرى

في فلسفة الأعراض النفسية للأمراض ، يُقال دائمًا أن ارتفاع درجة حرارة الجسم هو مؤشرٌ إيجابي ، ودلالة على تحرر الجسد من “مشاعر سلبية مكبوتة” الأمر أشبه بالدموع التي تطهر الروح من الضيق ..

كنتُ لا أستسلم ، ولا أضع التعب الجسدي سببًا للراحة .. أخطأت اليوم بقبول دعوة الأصدقاء رغم إرهاقي ..

الشخصية الذابلة يجب ألا تُرى ، وألا تواجه الناس ، يجب أن تظل في الخفاء حتى تتحسن .. ليس واجبًا على الآخرين صناعة الأعذار لي .. وليس جيدًا بحق نفسي إظهار جانبي المرهق/الهش هذا .. لهذا سألغي غدًا كل اجتماعاتي و سأكتفي بالعيش في عزلةٍ بمكتبي ، بيني وبيني .. لا أستطيع وصف سعادتي كلما تذكرت أن غدًا هو آخر أيام الأسبوع .. لم يكن أسبوعيمزدحمًا بالعمل بقدر ما كان مرهقًا جسديًا لي ..

الراحة جُل آمالي ..

اوتش ، ينبض قلبي .. أريد أن أتحدث بكل جوارحي .. تعتليني أحياناً حالة الحماس المربك هذا ، أشعر أنني أريد أن أتحدث حديثًا عشوائيًا فوضويًا سريعًا بصوتٍ عالٍ وبتعابيرَ متعددة

في مثل هذه الحالة أجد السناب شات يحتويني ، أفرّغ هناك الطاقات الزائدة وغير المتزنة .. ولكنني اليوم لا أملك سناب شات

لهذا أنا هنا ..

جدولي صارمٌ اليوم ، ومليءٌ بالتركيز والإيجابية ..

الفضل يعود للكونسيرتا أولًا، المرشحات للوظيفة ثانيًا ، تويتر ثالثًا ، فردوس رابعًا ، السيد عمر خامسًا ، العميلة أم محمد سادسًا .

تتجسد في فردوس كل أحلامي الوردية حول مساعدةٍ شابةٍ صغيرةٍ مثلها ، مهذبة ، قليلة الكلام ، صادقة ، ولها هالةٌ مريحة ..

منذ اللحظة التي سمعتُ بها اسمها ، تفائلتُ كثيرًا .. فردوس في معناه الديني (أعلى) مكان في الجنة .. ولربما يتبارك متجري بها لنكون (أكبر) متجر في السعودية .. هكذا رسمتُ تفائلي ..

ولكن فردوس تفتقد الكثير من المهارات ، لهذا أمتلك مخاوف صغيرة بشأن ذكائها و قدرتها على التعلم ..

سيتضح كل شيءٍ في أشهر التجربة الأولى … أرجو أن يثمر تعليمي لها وتكون ظلي وساعدي الأيمن ..

السيد عمر ، بدأ يشاركني هم عملي .. بدأتُ أشعر أنني لن أسقط .. وأشعر أن هناك شخصٌ ما بجواري يساعدني على تربية طفلي الذي بدأتُ أفكر جديًا في – الاعتراف به –

يهديني الله شخصين يشاركاني هذا الهم وهذا التحدي .. أحدهما هو عمر ، شخصان يعرفان جميع كواليس العمل .. يعرفان شخصيتي وحقيقتي ولا أضطر أمامهما على تلميع الحقائق .. إن لم أحصل في شهري التاسع من كارما الثراء إلا عليهما .. فهذا كافٍ يالله ، أكثر من كافٍ ….

يزداد يقيني أن الرزق قد يأتي على هيئة أشخاصٍ يضيئون لنا ما حل علينا من ظلام .. وقد حصل ..

أم محمد ، الأم اللطيفة البدوية التي لم أستطع مجاراة لهجتها ، أهاتفها بصفتي موظفة خدمة العملاء ، أحاول ضبط لهجتي في الحديث ، أحاول الاقتراب من طريقتها وأسلوبها ، يبدو صعبًا ولكنه يستحق المحاولة .. أستمع لطلباتها التي لا تنتهي .. لهذه السيدة وعيٌ غذائيٌ عجيب يفوق الكثير من المتعلمين .. وبعد سلسلةٍ من الطلبات ، تسألني بعفويةٍ آسرة “طيب عندكم حليب نياق” !

أعدها بأنني سأبحث لها عن متجرٍ يقوم بتوفير هذا الحليب ، تشكرني بحرارة ، ثم تقفل الخط ..

أستمع اليوم لقصيدتي الصوفية المفضلة ، لا يزال يتردد في رأسي هذا الجزء العذب منها :

“إن قلتم كيف الدرب إليه تعالى / قال لكلٍ : خل النفس بعيدًا وتعالا

واستجمع فطرتك الأولى واطلبني / واخلع ضعفك ، عجزك ، نومك تبلغني

واطرق بابي في ثقةٍ ليل نهار / وأسألني وحدي أسألني أمنحك مفاتيح الأمصار”

يحدثني السيد الدكتور عن ندرة اجتماع جمال المظهر و جمال المنطق و جمال المحتوى “العمق” في سيدةٍ شابة .

يقولها على مضض .

هذا الدكتور من برجه العاجي ، وبعد عددٍ من اللقاءت يعترف لي بهذا .. وتحت بند “مكره أخاك لا بطل”

كان يحاول إقناعي بقبول عرضه أن أكون MC لمؤتمرٍ ضخمٍ معاده بعد شهرٍ من الآن ..

بكيدٍ يهاتفني ويطلب مني أن أبحث له عن MC مناسبة لهذا الحدث الكبير ، وبدلًا من ترشيح نفسي له وعدته بالبحث له عن سيدة تتناسب مع شروطه ..

صمت قليلًا ، كان يتوقع مني ردًا مختلفًا ، كان يريد أن أقول “أنا لها” .. رغم أنها فرصةٌ ذهبية تتناسب مع عشقي للمسرح ولكنني اخترت ألا أرشح نفسي .. لم أكن مهتمة بشكلٍ خاص بهذه الفرصة ، لاسيما أنها محكومةٌ بمحتوى ومحاور محددة ، ولا مجال فيها للإبداع ..

يفيق السيد من صمته ، يقول بصراحة “بس أرشحكِ إنتِ” .. صمتتُ قليلًا .. هذا خبرٌ سعيد أن يبادرني هو رغبته بدلًا مني ..

ثم ومن أجل إقناعي ، اعترف برأيه الشخصي حولي ..

أحب -بشكلٍ خاص- الإطراء الذي يأتي من أسياد البرج العاجي .. لأنني أدرك أنهم قليلًا ما يذكرون محاسن من أمامهم ، وإذا ما ذكروا فهم صادقون جدًا ..

السيد الدكتور المحترم ، صنعت يومي

و ، نعم ..

سأقول نعم لهذه الفرصة

لأنني في ٢٠١٩ .. سنة المغامرات و التجارب و الأخطاء ..

أخبر أختي بقصتي مع الكاميروني وعن فقرة “طلبه لتعويض” مقابل تأخري ، تقول بغضب “حيوان كلب الخ الخ” ..

أخبر أحد الأصدقاء بذلك ، بغضبٍ هو الآخر بدأ يشتمه ، يقول بحنق “ياليته قدامي كان شفتي ايش سويت فيه”

لماذا هم غاضبون ؟ لا أريد أن أصدق حقيقة أنني ساذجة .. و لم آخذ مقصده على محملٍ سيءٍ

البريئة التي في داخلي ، استيقظي !

منتصف التاسع من كارما الثراء

هل كانت أمي تدعو لي كثيرًا لأمتلأ بالرائعين ؟

يحدث أن يتبنى أحدهم همك وكأنه همٌ له ..

ويرى أن نجاحكَ نجاحٌ له ..

ثم يقيم الأرض ولا يقعدها لأجلك ..

يحدث أن يؤمن بك أحدهم أكثر من إيمانك بنفسك ..

إيمانًا كافيًا لمحاولته الشراكة معك في عملك ، مرةً بماله ، ومرةً بفكره و وقته ، ومرةً بعلاقاته

ثم أبكي … لا فرحًا ولا حزنًا .. ولكن حيرةً وخجلًا ..

يالله، كيف سأرد أفضالهم عليّ ..

احتجتُ من كل الدنيا كلمةً واحدة “أنا بجانبك”

وقت حصلتُ عليها يالله هذه الليلة

الآن .. اكتملت معطيات النجاح .. المال ، الوقت ، الفريق ، والمؤمنون الأقوياء الذين أتكئ عليهم في بداياتي ..

بقيتُ أنا.

نتفق .. في مثل هذا اليوم ، وفي ذات الزمان والمكان .. وبعد سنةٍ من الآن .. سنلتقي للاحتفال بقفزةٍ جديدة في عملي ، أنا وفريق عملي الكبير .. يفتح “الكالندر” يثبت اليوم والتاريخ والساعة والمكان ، يسمي الحدث “الاحتفال بنمو ق”

يبكيني هذا التفائل الذي أفتقده .. هذا مذهل

وخيرٌ نهايةٍ ليومي ..

إلى (غير) لقاء.

تشعر الروح ، وإحساسها عن ألف دليلٍ ملموس ..

يلتقيني السيد الكاميروني ، يتأخر مستقصدًا ٥٠ دقيقةً عن موعدنا ، ومستقصدًا لا يجيب على رسائلي واتصالاتي ..

وتقريبًا “فقرة الانتقام” هي الفقرة اللعينة التي أبغضها بالأشخاص المنتمين لبرج العقرب ..

لم أكن أظن يومًا أن يتصرف بهذه الطريقة ، لاسيما أننا اتفقنا على رد اعتباره وتعويضه عن التأخير الذي بدر مني .. كأنه بهذا التصرف اللعين يرد اعتباره مرتين ..

يحضر السيد وأخيرًا ، أهلًا، أهلًا .. يعتذر ببرودٍ عن تأخيره .. أبتسم برحابة صدرٍ مصطنعة ، “لا بأس” .. “تصير كثير”

حاولتُ قصدًا أن أكتم حنقي لكي لا أشعره بحصوله على مراده .. وقبل أن يجلس ، يختار الجلوس بجانبي وليس أمامي .. وعلى اعتبار أننا نلتقي لتناول العشاء فمن غير المنطقي أن يجلس بجانبي .. أدعّي البلاهة كعادتي ، يبدأ حديثنا .. نتحدث بطريقةٍ طبيعية كأي شخصين بالغين ، يحاول قصدًا إحداث “ميانة” في منتصف حديثه ، وبلحظةٍ عابرة يضرب رجلي بخفة وهو يضحك ، وكأنه يقول “اوه نحن نتسامر جدًا و ودودين مع بعضنا” .. يستفزني تصرفه جدًا .. يفور دمي .. ما الذي يجمعنا حتى تبدو بهذا القرب ؟ كيف تمتلك حق اللطافة هذا بعد التأخير المستقصد اللعين ؟ من أنت ؟ لماذا دخلت حياتي ؟ هذا مقرف .. تجمعت في مخيلتي الكثير من الأفكار الغاضبة .. رغم أن تصرفه كان عاديًا جدًا، ولا يصنف حتى “تحرشًا” .. وعلى اعتبار نشأته في “يو اس” فمن المتوقع أن أبدو أمامه كفتاةٍ عابرة من بين مئات الفتيات اللاتي قابلهن في حياته ، وهذا ما أحبه في علاقتي مع الأصدقاء الغربيين الذين نشأوا بطريقةٍ فطريةٍ وعاشوا حياةً مليئةً بالفتيات .. تبدو علاقتنا مريحةً وعادية مهما بدونا قريبين من بعضنا .. لهذا قد تبدو “الميانة” الخاصة بهذا السيد أمرًا عاديًا ، ولكن روحي لا تشعر بذلك ، تركتُ الحكم لروحي ومشاعري .. وليس للعرف والمنطق ..

ينتهي عشائنا ، أهمّ بالمغادرة ، يكرر اعتذاره لتأخره .. أطمئنه بمغزى مبطن “لا تقلق لدي قلبٌ كبير يكفي لمسامحتك” .. يبتسم ، ثم يغادرني ..

تركت الزمن يظهر حقيقتك ، قد تكون نزيهًا وقد بالغتُ في ردة فعلي تجاهك .. ولكنني أختار أن أستمع لروحي .. بدون أي مبررات أخرى … وروحي لا ترتاح إليك .. وقد شعرتُ بعدم الارتياح منذ البداية ، ولكنني أخذتُ وقتي ، وخضتُ التجربة كاملة ، وأعطيتك عددًا من الفرص .. وددتُ أن أسأل روحي “هل إنتِ متأكدة” .. الآن وبعد اليوم .. بات كل شيءٍ واضحًا .

د.س / ش.ح

أنا أقفز ، وأبتهج.

وتعود الدهشة إلى قلبي ..

وأنا يالله أرحب بكل هذه الدهشة ..

وأرحب بكل هباتك ..

تعود لي ذاتُ الحياة التي أحب أن أعيشها ..

يعود لي ارتباكي السعيد من فرصٍ جديدة سأعيشها ..

يعود لي نبض قلبي ..

تطلعي ، أملي ، أحلامي ..

كل شيءٍ يعود ..

بعد يومٍ صاخبٍ جدًا ، هاي نورة

لنتفق أن اجتهادك في فهم حياتك وتحليل الأحداث التي تطرأ عليكِ هو تصرفٌ لا يصدر إلا من شخصيةٍ مسؤولة .. لهذا يجب أن تتوقفي عن الاعتقاد بإنكِ لا تستطيعين تحمل المسؤوليات ..

بدأ يومي في الثامنة صباحًا بمكالمةٍ من أحد الدكاترة الأكاديميين الذي لا يهاتفي إلا لسببٍ وحدث يتعلق بي أو بعملي .. وقد كنتُ فضوليةً لمعرفة التجربة الجديدة التي سيطلبها مني ، ولكنني لم أجب على اتصاله للأسف

أزور البنك لحل مشكلةٍ في حساب أختي بصفتي وكيلتها في جميع المعاملات البنكية وتقريبًا هذه الحقيقة من أكثر الحقائق سعادةً على قلبي ، أحب مرحلة الثقة العمياء التي لا يحملها لي سوا أخواتي ولا أحملها إلا لأخواتي .. تصل ثقتها إلى إعطاءي بطاقات الصراف وكلمات السر لجميع حساباتها البنكية التي تحتوي أرصدةً مخيفة ، تأسرني هذه الثقة .. تمت خدمتي من قبل الموظفة منيرة ، كانت لطيفةً معي كعادتها ، أحب هذه السيدة ، تشبهني في بساطتي وطيبتي في التعامل

أتلقى رسالةً وأنا في البنك تخبرني بحلول موعدي في مدرسة القيادة ، فرحت جدًا جدًا .. انتظرت هذه اللحظة منذ ما يزيد عن ستة أشهر ، وقد كانت أحد أهدافي التي لم تتحقق للسنة السابقة ..

كان خبرًا سعيدًا

يهاتفني أخي يدعوني للخروج معه للغداء ، ما هذا اليوم المشرق ياربي ! .. هل خرج أخي من سباته القاتل ؟ .. كانت فرصةً ذهبيةً من الصعب تكررها لهذا بكلٍ أسفٍ وحزن اعتذرت عن إجابة الدعوة لارتباطي المسبق بموعدٍ في المستشفى

أذهب بعدها إلى المكتب ، ألتقي في طريقي إلى باب المكتب بالموظفة المبرمجة وهي تهم بالخروج إلى قاعة الاجتماعات حاملةً “لاب توبها” ، وهي عادةٌ تفعلها أحيانًا عندما تريد تجديد طاقتها للعمل .. أبدأ العمل أدخل الرابط الخاص بـ “المتجر” ، المتجر لا يعمل ! واو .. تخطئ المبرمجة كثيرًا وهذا طبيعي وهكذا نحن نتطور ، ولكن من غير الطبيعي ولا المقبول أن تخطيء خطأً فادحًا كهذا ، يزيد غضبي من تصرفها الطفولي عندما ابتعدت عني لتعمل في مكانٍ ما وحدها (هروب) ، ولم تكتفي بذلك بل تركت هاتفها في مكتبها لكي تتجنب أي اتصال ، أغضب جدًا ، أذهب للقائها .. بدت لي شاحبة الملامح ، على وشك البكاء وهي تعمل بتوترٍ وارتباك .. أحنّ عليها قليلًا لأنها تدرك أن ردة فعلي ستكون قاسيةً عليها ، ألهمني يالله ، هل أهدء من روعها وأطمئنها أم أغضب جدًا ؟ .. انتصر جانبي العطوف لأنني قرأتُ في ملامحها إحساسها بالذنب والارتباك وهذا كافٍ بالنسبة لي ..

أخرج ظهرًا من المكتب إلى موعد المستشفى المقرر في تمام الساعة الثانية وقد كنتُ فيما مضى اتفقتُ مع صديقي الكاميروني على لقائه في تمام الساعة الرابعة والنصف عصرًا ، كنت أسير -بخيالي- وفق خطةٍ مثالية ، ظننتُ أن موعدي وكحدٍ أقصى سينتهي في تمام الثالثة ، أخطط -في خيالي أيضًا- من باب تجنب تكرار خطأ التأخير الحضور قبل موعد اجتماعي معه بنص ساعة ، ثم لا تسير الحياة كما أريد ، يصدف أن يكون نظام العيادة “متخلفًا” ولا يسير وفق المواعيد المكتوبة ، لم أدخل على الدكتور إلا في تمام الساعة 4 عصرًا ، عشتُ لحظاتٍ متوترة في غرفة الانتظار ، كدتُ أجنّ .. لم أستطع استخدام هاتفي ولا “اللاب توب” .. يتوقف عقلي عن العمل .. وهاجس التأخير “لليوم الثاني على التوالي” بدأ يلوح لي بالأفق .. درجة توتري العالية اليوم جعلتني أفكر جديًا بقطع علاقتي مع من أوصلني لها ، ثم ماذا لو تأخرتُ (بعذر) نصف ساعة ، ساعة ؟ لما يشعرني أن هذا جرمٌ لا يغتفر وأنها نهاية العالم ؟ هذا محبط ، ربما من الأفضل لي واحترامًا لمشاعري التواجد فقط مع أشخاصٍ متسامحين .. عندما أخطئ بحقهم أدرك أن لهم قلوبًا كبيرة تتسع لمسامحتي .. هذا ما أدركته في ساعتيّ الانتظار ، كان جلوسي في غرفة الانتظار بتوترٍ وارتباك أشبه بالجلوس على سطحٍ من نار ..

وياليته كان مجدي ! فقط اقترب موعد لقائنا وأنا لا أزال في المستشفى ، أهاتفه .. أعتذر .. أقول بهزارٍ اصطنعته “تنتظر مني الان خطتيّ اعتذار بدلًا من واحدة” .. ضحك ، بدأ هادئًا ! .. ولا أدري بلقائنا القادم ما الذي سيحدث ..

في تمام الساعة السادسة كان موعدي مع “لايف كوتش” يزور الرياض أحيانًا لتقديم جلساتٍ إرشادية ، استغرق الحديث معه ما يزيد عن الثلاث ساعات .. بدوتُ معه أنا أنا ، بشخصيتي الحقيقية .. وهذه أكثر جزئيةٍ بديعة حلت في لقائي معه .. يلهمني ببعض الأفكار في الوعي و التي لم تطرأ ببالي .. أحببت الحديث معه جدًا رغم أنني لا أخطط لتكرار التجربة معه ، لا يزال في بداية الطريق إلى الحكمة ولن يضيف لي أكثر مما فعل اليوم .

في تمام الساعة العاشرة ، أخطط للقاء الصديق ح ، القادم من الشرقية ، وقد كان لهذا الصديق فضلٌ -لا يصدق- في متجري الحالي .. تقريبًا هو النجمة اللامعة في السماء المظلمة والتي أستلهم منها طريقي .. مضى على لقائنا الأخير ما يزيد عن السنة ، هذا الصديق -ورغم صغر سنه- ناجحٌ بطريقةٍ مخيفة ومزدحمٌ بالشغف والعمل والبهجة لهذا لا أحتمل خسارة أي فرصة للقاءه رغم كون يومي كان مرهقًا ومتعبًا .. حتى أنني أخبرته قبل لقاءه “استعد للأخلاق التجارية=d” .. أحب الأصدقاء الذين لا نضطر لادعاء مشاعرٍ ليست حقيقية فينا عند لقائهم ، التقينا وأخيرًا ، لقائي به يشبه لقاء تلميذٍ بأستاذه المقرب الذي هاجر بعيدًا عنه ثم عاد لتوه .. عاد في الوقت الصحيح ، عاد وأنا في قمة حاجتي لطاقته وتوجيهه ، عاد وأنا في أوجِ إحباطي من العمل .. لهذا وددتُ احتضانه ، وددتُ أن أقول له “مرحبًا ألف! مرحبًا إلى سابع سماء ، أين كنت ؟”

نورة الجديدة فعلتها ! لم أخبأ رغبتي هذه .. وقد كان طيبًا عطوفًا يخفي عطفه لهذا احتضنني ضاحكًا وفهم المغزى “واضح جايبه العيد بالشغل” ، ضحكت .. “ياليته عيد واحد”

لم أكن أؤمن بوجود أشخاص في هذه الحياة لا ينتظرون مقابلًا لعطائهم لحين أن التقيته ، وأنا أزعم أنني أقرأ الوجوه جيدًا ، وأفهم الأرواح قليلًا .. لهذا لم أرتب منه يومًا على كمية العطاء اللامحدود الذي قدمه لي بجهده و وقته وفكره ..

ولأنه كان يومًا مرهقًا لكلينا اخترنا الحديث في الحياة بشكلٍ عام ، ولا يسع المجال ولا يكفي المكان للحديث عن تميزه وتفرد شخصيته ولمعانه رغم كونه أبغض الناس للأضواء والشهرة -وهذا ما يزيده بريقًا- لماذا يوجد شخصٌ في هذه الحياة بهذه الروعة لا يعرفه العالم ؟ ، لطالما حدثتُ أخواتي و فريق عملي عنه .. تتحمس أخواتي للقاءه لأنهن يدركن ندرة شغفي بالأشخاص وأنني “انتقاءية” من الدرجة الأولى ، لم يحدث أن تحدثتُ معهن عن شخصٍ وكأنه أسطورة .. كما حصل مع هذا الصديق ..

أما فريق عملي فهن يعتبرنه “أڤاتار” فهو “الجواب عندما يُعدم الجواب” .. وعندما نقع بمأزقٍ في العمل ونطرق جميع الأبواب ولا نجد جوابًا ، نلجأ إليه ، حتى أنني وقبل أن أهاتفه يقترح علي فريق عملي ذلك ..

ينتهي يومي ، أعود مهمومةً للمنزلفي تمام الساعة الثانية فغدًا هو يوم عطلتي الوحيد الذي سأضطر للعمل فيه خارج المنزل .. كم هذا شعورٌ بغيض ..