يحدث أن آلمتني معدتي ولم أستطع الالتزام بحضور الاجتماع في وقته المحدد ، أصل بعد أربعين دقيقة .. أعتذر بشدة

رغم أن الاعتذار “مايوكل عيش” ولا يختلف شخصان على أن ما حصل هو قلة تهذيب مني ولكنني اعتدتُ أن أتلقى “من أصدقائي العرب” القبول والمسامحة لقاء أي تأخير يبدر مني ..

أشرح لهذا الصديق الكاميروني ما حصل ، أعتذر بخجلٍ حقيقي .. يبتسم ابتسامةً صفراء ، يسألني بجدية “وما هي خطتك للاعتذار” اوتش . لا أمتلك إجابة ..

– “مالذي تريده لقاء قبول اعتذاري” … يتأملني بنظراتٍ غريبة ، يرفض تقديم أي اقتراح ، ويطلب مني بالمقابل التفكير في خطة للاعتذار و تقديم “بروبوزال” له !

عجيب جدًا. في دول العالم الأول ما فعله حقٌ له ، في مدينتي الفوضوية تبدو ردة فعله مبالغٌ بها قليلًا..

أقترح عليه “وكاعتذارٍ مني” التكفل بدفع قيمة “الكوفي” ، يرفض بغضبٍ أفهم مغزاه ، لطالما كان يتحفظ على جعلي أدفع قيمة أي شيء عندما أكون معه .. يحب أن يبدو مسؤولًا عني منذ اللحظة التي نلتقي فيها حتى اللحظة التي نفترق ، هذا التصرف الرجولي يأسر قلبي ، ويذكرني دائمًا بالجانب العطوف من أبي عندما كان يدللني و يأخذ على عاتقه مسؤولية احتياجاتي اليومية ، ولكن كرجلٍ تربى في “يو اس” وتطبع بالطباع الغربية ، بدا لي تصرفه عجيبًا وغير منطقي ..

أصمتُ قليلًا ، أعده بأن أفكر بخطةٍ لرد الاعتذار .. يهدأ غضبه ، تدمع عينه .. يخبرني عن سبب رحلته المفاجأة لدياره -والتي عاد منها لتوه- ، وقد بدأ يومي سعيدًا مبتهجًا وكان آخر ما أتمناه في هذه الحياة أن أجالس شخصًا مكسورًا و أن أستمع لقصةٍ مؤلمة .

يحدث أن تخاصم شقيقه مع زوج أخته في المنزل خصامًا داميًا انتهى بموت شقيقه في صالة المنزل !!

أظن أن الاستماع لهذا القصة الجنونية كان خير اعتذارٍ لي ، فقد نقلني من شعوري المبتهج هذا الصباح لشعورٍ محبطٍ ومؤلم ، حتى أنني وبدون وعيٍ مني وجدتُ دموعي تسيل ..

من رحمة الله بي أن هذا الصديق لا يتحدث العربية ولم يحكي لي هذه الحكاية بها ، وإلا لأصبحت قصته أشدّ لسعةً على قلبي ..

لم يتوقف اعتذاري “المبطن” عند هذا الحد ، بل شاركته همه ، قلتُ باستحياءٍ وألم “I have story like that” ولربما لهذا السبب حصلتُ على “اكسترا” حزن اليوم ، لأنني وجدتُ قصته لمست شيئًا ما في حياتي ..

أظن أن أكثر فعلٍ شريفٍ يعمله المرء في حياته عندما يشارك الآخرين سرًا بهدف أن يخبرهم “مرحبا! نحن على نفس القارب”

اوتش ، في هذا العالم من القسوة ما يكفي لاختناق الجميع .. كنتُ ألوم مجتمعي “الصحراوي” بالأمس ، لأكتشف اليوم أن القسوة لا تنتمي لمكان .. ولا تنتمي لقبيلة .. هي فقط تنتمي للأرواح المشوهة ..

الآن بدأتُ أفهم ، لربما كان سر مزاجه المتعكر ومبالغته في غضبه لتأخيري هو ما حصل لعائلته ..

اها حسنًا ، ومن يعيد لي مزاجي يا صديقي !! قدمتُ الكثير هذا اليوم ، قدمتُ مشاعري “وهي أغلى بكثيرٍ من أي اعتذارٍ مادي” ولكنك لا تزال تنتظر مني “خطة اعتذار” ، تقول لي قبل أن تغادرني .. “أنتظر مقترحكِ!” ..

أتوجس كثيرًا عندما ألتقي بسيدٍ من برج العقرب ، هناك دائمًا ذيلٌ وسم ومكيدة ، وبالتأكيد هذا تطرفٌ طفولي مني لطالما أثر على حياتي ، حتى أنني -فيما مضى- رفضتُ المضي بشراكة مع أحدهم لأسبابٍ عديدة كان أحدها هو كون الطرف الآخر من برج العقرب !!

ولكنني الآن نورة الجديدة ! أنا أتغير وأتجدد وأحاول توسيع خياراتي ، والتوقف عن الحكم المبدئي على الآخرين .. لهذا رغم كونك سيدٌ عقرب ، أنا لا أفهمك جيدًا، ولا أخطط لفهم نيتك حولي ، ولكنني أدرك أن كل ما يحدث في هذه الحياة يحدث لسببٍ وحكمة ، لهذا أوكل للزمن مهمة إزاحة الضبابية حول علاقتنا ..

السلام والرحمة لروح عائلتك .

الجنة لأختي ..

الجنة لقلبها الكبير ، وحبها الكبير .. وعطفها الكبير ..

كطفلٍ تائه كنت ، احتضنت خوفي .. وأرشدتني ..

تحدثتُ كثيرًا إليها .. حدثتها عن أفكاري وطيشي وأحلامي وأسئلتي وحيرتي ..

استمعت لحديثي بكل حواسها ، حدثتها حديثًا يضجّ بالحياة والمشاعر ، بدونا أنا وهي وكأننا في رحلة سفرٍ برية ، رحلةً مليئةً بالهضاب والتضاريس ..

هكذا كنا ، هكذا كانت وأنا أتحدث ، تبتسم عند فرحتي ، وتعقد حاجبيها عن غضبي ، وتتأمل عيني عند خجلي .. وتضم شفتيها عند حزني ..

أختي ! كيف تتوقف الحياة عن مسيرتها وأنا معكِ ؟ كيف يبدو الحديثِ معكِ لا ينتهي … تبدو الحياة ساكنةً إلا من صخبي وحكاياتي الي أحكيها بألف تعبيرٍ في ملامحي وبألفٍ شعورٍ في الدقيقة الواحدة .. وكأن حياتي مسرحيةً ارتجالية كنتُ أنا بطلتها الوحيدة .. وأنتِ جمهوري الوحيد .. الخاشعُ جدًا معي، المرحب جدًا بكل زلاتي .. وبعد أن تمضي الساعات وتنتهي المسرحية .. أراكِ تقفين تصفقين لي .. وفي عينيكِ الضاحكتين حنان العالمين ..

أحبكِ جدًا.

أقرر أن أجنّ

منذ اللحظة التي آمنتُ فيها أن الموت اختيار ، باتت الحياة هادئة ومسالمة .. فقد أصبح كل شيءٍ قابلٍ للحدوث ، ودائمًا هناك فرصةٌ لتصحيح المسار .. أحب هذه الحياة

اعتقادي هذا لم يؤثر على حياتي بشكل كبير حتى هذه اللحظة ، أقرر اليوم ممارسة شيءٍ جنوني ، جنونيٍ لدرجة أن أقول لنفسي “لحظة نفكر شوي” .. “بليييز نفكر شوي”

يصعب عليّ تحليل النية التي عقدتُ العزم عليها ، لذا لا أستطيع التفكير الآن بصحة القرار ..

اشتقتُ للحظات الخروج من منطقة الأمان ، اشتقت لتهوري وقراراتي الطائشة .. اشتقت لممارسة الأخطاء ..

لا أشبهني ، ولا أعرف كيف ولماذا وعلى أي أساسٍ صار هذا القرار ..

أنا خائفة ، وهذا ديدن التجارب الجديدة .. فقد كنتُ فيما مضى أراه ضربًا من خيال ، وأعوذ بالله منه .. ولكنه اليوم صار مني ..هذا مربك.

قصدًا يحاول خلق موقف بيننا، يريد أن يعيد مياهنا إلى مجاريها .. وأنا أقبل ذلك رغم صعوبته ، لأنني أحاول بشكلٍ جادٍ التخلص من كبريائي هذه السنة .. لم يعتذر ، ولا أظن أن يعتذر لي يومًا .. على الأقل في السنوات القليلة القادمة ..

وفكرة الهجران مريحةٌ لبالي .. ولسلامي ، ولكنها قطيعةٌ لا تتوافق مع مبادئي الدينية ..

جئت أنت ، وباستغفالٍ شريف تسلمني مبلغًا ماليًا وتطلب مني تسليمه له ، تتحجج بأنكَ لن تلتقيه قريبًا ، وبأنني الشخص المناسب لتسليمه هذه الأموال .. وأنا أدرك أن الحلول كثيرة .. ولن تتوقف المسألة عليّ ، ولكنني أتفهم نيتك جيدًا ولا أعارضها لأنها وافقت رغبةً في نفسي ..

هناك “ايقو” لا يزال ، في داخلي .. وكرد اعتبار ، لا يريد صلحًا بدون اعتذار ، ولو كان ثمن ذلك قطيعةٌ أبدية ..

نورة الجديدة ، وعلى مضض .. تقبل الصلح بدون اعتذار ، لهذا رحبت باقتراحه ، استلمت الأموال ، وبقي أن أسلمها للسيد المتعجرف .. أين وكيف ؟ لا أدري

الصديقة الجديدة لم تجتز الامتحان

صادقة ؟ لا أدري ولكن حدسي ليس مطمئنًا تجاه ذلك

مهذبة ؟ لا ، تتأخر عن موعدها معي ساعة كاملة بدون أي اعتذار ،

طيبة ، نعم هكذا يبدو

متطورة ، لم أستطع قياس ذلك حتى الآن

تسألني في منتصف الجلسة “من وين أنتِ،أصلك”

– القصيم.

انقبض وجهها خلف ابتسامةٍ صفراء ، أبسّط الحكاية ، أضحك ، أقول لها “فضفضي حبيبتي عادي” تحاول إيجاد حسنةٍ تعرفها عن هذه الديار ، ثم تخبرني عنها ..

لديها حياةٌ زوجية غير مستقرة ، ونتيجةً لخيانات زوجها وإهماله لها تقرر هي الأخرى أن تلهو ، أحترم احتياجاتها وربما كلمة “تلهو” هي كلمةٌ خاليةٌ من الاحترام .. ولكن فكرة كسر “الميثاق الغليظ” هي فكرةٌ تغضبني جدًا ، ولم أستطع التحرر منها ، ولا أستطيع قبول أشخاص حولي بهذه الصفات .. وقد حاولت فيما مضى أن أبدو أكثر تحررًا ولكنني لم أنجح .. سأحترم احتياجاتها ورغباتها لو قررت كالشجعان أن تنفصل أولًا عن شخصٍ تدّعي أنها لاتزال معه لأجل بناتها .. ثم تاليًا ولو أرادت ما أرادت سأبارك خطواتها ..

قدِمت هذه السيدة (ووفقًا لحديثها) من محافظةٍ منتكسة الفطرة ، انتشر بها الشذوذ (علاقة البنت بالبنت) ! ولو على سبيل الصداقة .. فتجد الصديقة تحب احتكار صديقتها لها ولو لأسبابٍ نزيهة ، هكذا اعتادوا .. وهكذا تبرمجت عقولهم ..

إنني أتسائل عما إذا كان يجب أن أتحرر من هذه القناعة أيضًا ، وأتقبل فكر “المثلية” ، ربما .. ليس الآن ، ليس في مرحلتي هذه وفي عمري هذا ..

وطبعًا أؤمن أن هذه المحافظة كغيرها ، فيها الصالحون والطالحون ، وكلن يصفها من زاويته ، أنا لا أتهمها ولكنني شعرت من حديثها أنها قد تواجدت كثيرًا في أجواءٍ مقززة كهذه ، لهذا بدا لي أن موضوع علاقتي بها غير مطمئن ..

تسألني بتعجبٍ وانبهار عن سبب قبولي الجلوس معها رغم أنها امرأةٌ متزوجة “سو وت؟” .. بدا لي أن الوضع في بلدتهم مختلف ، فلا يُجالس المرأة المتزوجة إلا متزوجةٌ مثلها ..

تستمر بسؤالي أسئلةً غريبة ، بدت لي بدهية ولكن بالنسبة لها فهي موضع سؤال ..

تبعًا لفهمي في الشخصيات ستعاني هذه السيدة من مراهقةٍ متأخرة ، أو لنقل ستبدأ الآن بعيش حياتها كسيدةٍ من برج القوس عاشت في محافظةٍ صغيرة ومع زوجٍ مُهمل وانتقلت لتوها للرياض (لاس فيغاس!)

ولأنها لا تزال جديدة في هذه المدينة ، فأنا أشعر أنها شخصيتها في مرحلة انتقالية .. لربما ألتقيها بعد زمنٍ قريب وقد بدت بشخصيةٍ جديدة وتطبعت بطباع هذه المدينة ..

تحييني في آخر الجلسة ، تقول لي “لنلتقي كثيرًا” اوكي؟

ابتسم ابتسامي الصفراء التسليكية ، “أكيد أكيد يسعدني”

قلتُ لها بصدقٍ وبدافع “فزعة” لا حُب.. -اعتبريني أختك بالرياض الي تحتاجينه أنا موجودة-

كريمةٌ نورة . تستمرين بتوزيع كروت أخوة على الجميع ، أحب نخوتك. =d

هاي أنا، أعود إلي .. أهرب مني إلي

أرغب بإيقاف الجلسات الإرشادية التي أقدمها ولا أزال للراغبين بافتتاح متاجرهم الالكترونية الخاصة ، أخاف مما سأقوله ، أخاف أن أخبرهم أن الطريق متعب وليس بالطريقة الحالمة التي يتخيلونها ..

بدأت أدرك الآن أهمية التعددية في الاستشارة ، لأن المرشدين سيلهمونك وفقًا لما يشعرون في مرحلتهم الحالية ، لهذا من المحتمل أن تجد المرشد ذاته ينصحك بنصائح مختلفة في كل مرةٍ تجلس معه ، لأنه يجدد في كل مرة .. وفي كل مرة يرى الأمور من زاويةٍ مختلفة ..

زاويتي الآن لا أحب الحديث عنها كثيرًا لأنها قد تحبط الكثيرين ، ترعبني فكرة أن أكون سببًا في عزوف أحدهم عن افتتاح مشروعه الخاص ، لهذا وفي كل مرةٍ ألتقي بها مع أحد المستفيدين أخبره بالحرف الواحد : لا يوجد صوابٌ مطلق أو خطأ مطلق ، ستسمع مني كلامًا قد يخالفه آخر ، وقد تسمع كلامًا من الآخر يخالف ما سمعته من غيره .. هذه الحياة تحتمل أكثر من إجابة ، وكلن يرى الحياة من زاويته ووفقًا لتجربته الشخصية ، دورك أن تستمع إلينا جميعًا حتى النهاية ثم تختار الجواب الذي يناسبك بعد أن تشكلّه بالطريقة التي تتوافق معك ..

هكذا كنت ، أستفتح حديثي بهذا الاتفاق الذي يزيح عني كثيرًا من الهم

يبدأ شهري التاسع والأخير اليوم في تمارين الكارما ، وهو الشهر الموعود بالخير

ولكن الكون يسير وفقًا للمشاعر ، وأنا لا أملك في هذه اللحظة تحديدًا مشاعر إيجابية ، أنا محبطة وشعور المهام المتعددة عاد يرهقني ..

لن أقسو على نفسي كما كنتُ أفعل في كل مرة ، أنا أتغير!

أفكر في طريقةٍ لتحسين جودة النوم ، والتي قد تكون خيارًا جديدًا يناسبني ، تقول الأخصائية “المسألة مسألة عمق نوم وليس ساعات نوم قد تنام ما يقارب ٣ ساعات نوم جيد وعميق يوازي عشر ساعاتِ نومٍ متصلة” .. كيف يكون النوم جيدًا وعميقًا ؟

لا أريد أن أبتسم الآن تحديدًا .. أردت لبس عباءةٍ تتوافق مع مزاجي ، تحمل اللون الرمادي ، قماش خفيف ، وأطراف مخططة .. بسيطة ، سريعة ، وبدون صخب .. شوز أزرق غامق ، صامت .. وبدون ملامح ..

آسفة لروحي لأنني لم أستجب لمطالبها ، فلدي اليوم حياةٌ اجتماعية ولن أختبيء وحدي في مكتبي ، لدي اجتماعان ، ثانيهما مع صديقةٍ محتملة ، انتقلت للرياض قريبًا وبصدد الانطلاق بمشروعها الخاص

اوبس! ما قصتي مع الصديقات المهاجرات ؟ بدور ، هدى ، وهذه الصديقة المحتملة ؟ بالتأكيد هناك رسالةٌ ما، ستظهر لي يومًا ما .

يقطعني الآن عن الكتابة مكالمة من موظف المخزن “أستاذة،انقطع النت” .. واو ، شكرًا للحياة التي تستمر بتأكيد صحة ما قلت “الكون يسير وفقًا للمشاعر”

مشاعر هاي = أحداث جيدة / داون = داون !

تعلمتُ فيما سبق أن تقبل المشاعر يساعد على تجاوزها ، وأنا لن أبحث عن طريقةٍ لتحسين مزاجي .. ولكنني أختار تقبل شعوري المحبط هذا ..

أتذكر الآن ، الآن فقط .. أنني اليوم توقفتُ عن تناول الكونسيرتا . اهاااااااااا ! هناك الكثير من المشاعر التي لا تشرحها الكتابة ، وجهي وصوتي وملامحي وعيناي لديهم الكثير من الأحاديث ..

وشيءٌ آخر ، يرافقني عادةً مزاجٌ سيءٍ بعد أن تغادرني السيدة بيريود ، اها .. بدأت تتشكل لي الحكاية ، أظنني أوفقتُ الكونسيرتا في الوقت الخطأ .. فصارت مشاعري “اكسترا” إحباط . اها

ثم لماذا يمتلك الرجال أصواتًا صاخبة ؟ وضحكةً صاخبة تهزّ لها الأرض والسماوات ، والسيدات ليسوا بطاهراتٍ كذلك ! عندما يجتمعن على الغداء أو على قهوة الظهيرة ويتحدثن في قضيةٍ “ترند” .. تجد الكثير من الصخب والضوضاء والأصوات المتداخلة ..

هل تستمع إلي يالله ؟ أريد قدرة “هيرو ناكامورا” في مسلسل هيرو ، والقادر على إيقاف الزمن بضجيجه وحياته وتحركاته ، ثم يظل لوحده الحي ، لوحده المتحرك .. في جوٍ مليءٍ بالصمت والسكون ..

لا تستمع لي يالله، ما أكتبه الآن لا يمثل إلا الآن و اللحظة

اضطررتُ اليوم للجلوس مع السيد المحاسب ، لما يزيد عن الأربع ساعات .. عالم الأرقام يزعج رأسي ، هناك الكثير من الفوضى التي سيحلها لي السيد المحاسب هو وبقية الفريق في شركته ، وهذا خبرٌ يسعد الأشخاص.الطبيعين.والذين سأكون أحدهم بعد ساعاتٍ من الآن

أقرر أن أحب

أخبر أختي بقراري الجديد للسنة الجديدة ، تباركني أختي ، لطالما تمنت لي أن أعيش تجربةً كهذه ..

لطالما اخترت تأجيل هذه التجربة (الرغبة) لأسبابٍ كثيرة تختلف باختلاف الزمان والمكان ولكنها دائمًا تشترك في أنها كانت رغبةً للهروب من واقعٍ مزعج .. والقرارات التي بُنيت بأساسٍ كالهروب هي قراراتٌ مثيرةٌ للشفقة ولا أحب الخوض فيها ..

الآن لدي واقعٌ يشبه السكر ، وأمتلك الحياة التي تمنيتها .. ولم أصنع هذا القرار هروبًا من حياةٍ ما.

أنا كنورة، وبشكلٍ روحي ، أقرر في هذه السنة الوصول لجميع المشاعر ، أريد التعرف على نفسي أكثر .. كيف أحب ؟ وماذا أحب ؟ وما هي طريقتي في الحب ؟

والأهم من كل ذلك ، كيف سأكتب عن الحب ؟

هناك سقف مشاعرٍ في حياتي لم ألمسه بعد ، هكذا أشعر .. هل يجب أن أتوقف عن الشعور بقدسية مشاعر الحب ؟ أريد أن أعيشها بشكلٍ طائشٍ وبدون استعداد وأدرك أنني سأندم في نهاية المطاف ، ولكني بملئ إرادتي أختار ذلك ..

“أسهل طريقة للخروج هي الدخول ”

تعيش هذه الحكمة في عقلي منذ سنة أو يزيد ، لا أستطيع الفرار من معناها العميق الذي يتلخص في أن تجربة الشيء هي الطريقة الأسهل للخلاص منه .. وأنا أختار أن أحب لكي أتخطى هذه الرغبة ..

ولأنني أقرر ألا تكون بالقدسية التي رسمتها عندما كنتُ صغيرة فأنا لم أقرر بعد كيف سأخوض هذه التجربة ، ومن هو الشخص الصحيح الذي سيشاركني التجربة ، هل يجب أن يكون شخصًا صحيحًا ؟ التجارب تبيح كل الأخطاء ..

أفشل في تخمين أي الأشخاص أنسب ولكنني سأترك كل شيءٍ للقدر ، بدوري أنا سأخفض من مستوى حدودي التي أضعها دائمًا للشخص الذي أمامي والتي تحول دون نشوء أي علاقة ..

سأخفف من حدتي الجارحة ، سأبدأ بشكل جاد في التوقف عن رفض الأشخاص والترحيب بالمبادرات والعروض …

هل سيكون الموضوع أشبه بعرض عمل ؟ عرض/طلب/تفاوض ؟ لا أستبعد أي شيءٍ من عقلك الغريب

أنتِ صغيرةٌ في الحب و لم تستوعبي حتى الآن جمالية أن يكون الحب حدثًا مفاجئًا وبدون تخطيط ..

ولكنني سأسمح لكِ بالتصرف بكامل الحرية وبالشكل الذي ترينه مناسبًا ، و لتحدث لكِ الأيام ما تشاء ..

أنتِ خائفة وسيبدو الخوف طبيعيًا لأي تجربةٍ جديدةٍ في الحياة ولكنني أريدكِ أن توقفي نهر الوساوس الذي يحصل لكِ في بداية كل علاقة ، لأنكِ أصبحتي تدركين أن الطيور على أشكالها تقع ، وأن الله يسخر للطيبين أشباههم ..

بدوري أنا ، لن أحمل سوى المشاعر الطيبة له ولكنني سأكون أنانيةً ربما ، لأن لي أهدافًا قد لا تتفق مع الطرف الآخر من هذه التجربة

يُخيل لي مؤخرًا أن النضج يتجزأ ، وما في داخلي من صفاتٍ ومشاعر هي عبارةٌ عن أشخاصٍ متعددين ، فمثلًا نورة “صاحبة الوعي الروحي” عمرها يفوق الأربعين سنة

نورة “الكاتبة” عمرها في نهاية العشرين

أما نورة “في الحب” لا تزال طفلةً ، وهذا يزعجني .. ويجعلني أرغب أن أحظى بتجربةٍ عاطفية تزيد من عمر نورة في الحب ..

سيبدأ الكون يختبر جدية قراري هذا ، وأنا لا أدري هل أنا مستعدةٌ للاختبار أم لا ..

الكثير من آرائي يسهل تبدلها كشربة ماء ، ورغم أنني سألتُ نفسي مئة مرةً عن صحة قراري ولكنني لا أستبعد أن أستيقظ بالغد وقد قررت تأجيل التجربة ، ولن ألوم نفسي بذلك لأنني أدرك تمامًا أعقابها المتعبة وعلى جميع الأصعدة .. الأمر يشبه النار التي تسير إليها باختيارك ..

لا أمتلك نظرةً بعيدة المدى وأجهل كثيرًا من تبعات هذا القرار ولكن يسرها لي يالله إن كانت ستسعدني وتطور من روحي …

ثم ، الأمان والسلام لقلبي أينما حل

أقرر أن أكون أكثر انفتاحًا

أقرر في هذه السنة صناعة علاقات صداقة جديدة ، كتبتُ قبل يومين في مذكرة هاتفي بنود الأصدقاء الجدد ..

“صادقون ، طيبون ، مهذبون ، متطورون”

أقرر أنا بالمقابل أن أكون أكثر انفتاحًا تجاه حياتي ، بحلوها ومرها ..

وتبعًا لنيتي تختبرني الحياة بصديقتي الجديدة هدى ، والتي تبدو قد أتت من عالمٍ بعيدٍ عني

يرسلها الله إلي انعكاسًا لي ، تلمح لي في حديثها عن عدم رغبتها الخوض في حياتها الخاصة على الأقل في بداية علاقتنا ، لديها الكثير من الأسرار التي تحول بينها وبين صناعة العديد من العلاقات ..

أنا بنسختي الجديدة كنتُ منفتحةً للحديث معها حول الكثير من الحكايا ، ليس لأنها شخصٌ خاص ، ولكن لأنني قررت حرق قدسية الأسرار (ليس تمامًا) ، كانت هدى اختبار الكون لي للتأكد من صحة قراري ، وأظنني نجحت .. لم أنجح بتفوق ولكنني نجحتُ بشكلٍ مبدئي ..

تخبرني في وسط حديثها عن تقديرها للأصدقاء الذين يذكرّونها دائمًا بوجودهم حولها ، يخبرونها “لو احتجتي شي احنا موجودين” ، تمتن لهذه الكلمة كثيرًا ..

لديها شكلٌ و شخصيةٌ و عملٌ يبعدان عني ألف ميل ، وأنا أرحب بهذا الاختلاف وأريد بشكلٍ حقيقي أن أصنع معها علاقةً طيبة ..

لا أدري كيف أصنع علاقةً متعمقة مع شخصٍ متحفظٍ مثلها ،هذا صعبٌ ومحيّر و أظن أن الحياة بدأت ترد لي ما كنتُ أصنعه بالآخرين ! 🙂

ولكن يبدو أن لي تأثيري الخاص =d ، فلم يدم الأمر طويلًا حتى بدت صديقتي الجديدة أكثر انفتاحًا معي ..

كنتُ مهذبةً معها منذ البداية ، لم أسألها سؤالًا فضوليًا واحدًا ، ربما لهذا السبب اختارت أن تبدو أكثر انفتاحًا معي

تنسى تحفظها قليلًا ، تتحدث معي في موضوعٍ خاص ، تتذكر في منتصف حديثها خصوصيته ، تُحرج قليلًا ، تصمت ، ثم تقول : keep it secret !!

أنا بدوري ابتسم لها باطمئنان وأرد لها ذات الكلمة : keep it secret

وددتُ أن أؤكد حقها في الاحتفاظ بحياتها كما تريد

رغم أنني أدرك أن خلف هذه الفتاة الكثير من الأسرار ، والتي لا أسعى لاكتشافها .. ولكنني أريد أن نبدو أكثر وفاقًا ، وقربًا ..

أختار بالعنوة أن أعيدها لمنزلها بنفسي “مع سائقي” ، وقد كان هذا بمثابة عربون صداقةٍ مبطن ..

تقطن هدى في منزلها الجديد في الرياض والتي استقرت بها مؤخرًا ، قبل أن تغادرني .. أخبرتها

– أنا أختك الجديدة

تبتسم ..

– “ولو احتجتي شي أنا موجودة” ..

تدمع عينيها ، تحتضنني .. ثم تغادر ..

أفتح هاتفي

أراجع شروط صداقتي الجديدة ،

صادقة ، طيبة ، مهذبة ، ومتطورة

بُشرى ! وهبني الله غايتي ..

شكرًا لأنك تستمع إلي يالله ..