أخلاقيات

لم أكن أدرك أن التخلص من كذبةٍ ما والاعتراف بالحقيقة يشبه رمي كيسٍ ثقيلٍ كان يعتلي ظهرك ويثقل سيرك 

يالله ، للصدق حلاوةٌ لا تُنكر 

وخفةٌ في الروح لن يلحظها إلا الذي خرجَ لتوه من كذبةٍ ما 

الحمدلله ، خفيفةٌ روحي هذه الليلة … وأخيرًا اقترب ظاهري من داخلي خطوة 

وعلى ذكر الكذب كتبتُ قبل أربع سنين كلامًا لا أزال أؤمن به جملةً وتفصيلًا 


أود أن أقول بطريقةٍ غير مباشرة أنا لستُ سيئة عندما أكذب أنا فقط أراعي المصالح 

وعلى ذكر الأخلاقيات سمعتُ كلامًا للدكتور العظيم صلاح الراشد يقول فيه بما معناه : لا يجب أن تشعر بأي تأنيب ضمير تجاه أي شي في هذه الحياة ، وإذا ما شعرت فاعلم أنك تعيش “الايقو” الذي يصرُ على جعلكَ مثاليًا ، أنتَ ببساطة إنسان ولستَ ملاكًا والإنسان من الطبيعي جدًا أن تكثر أخطاؤه 

كان حديثه “على الجرح” لأنني أشعرُ أنني في الآونةِ الأخيرة قد قصرتُ كثيرًا بحق أختي الصغيرة تخيل أن عذاب الضمير يزورني كل يوم ، لم تعد زيارة بل استيطان ! 

حسنًا، تجاهل الضمير أو إسباته لا يتعارض مطلقًا مع وضع نية حقيقية لتحسين علاقتي معها ، على العكس لطالما ضميري أنبني تجاهها دون اتخاذ موقفٍ فعلي للتغيير . 
واستكمالًا لموضوع الضمير يزعجني جدًا أن أسمح لنفسي بالحديث بشخصٍ ما من خلفه ، وهو ما نسميه في مجتمعنا “الحش” أتعجب من جرأتي كيف أنني أضحك بوجه فتاةٍ كنتُ بالأمس أغتابها مع بقية الزميلات ، كم هذا شعورٌ مزعج 

الغريب أنني لا أبدأ ب”الحش” ولكنه يأتي إلي !! 

تأتيني فتاة فتحدثني عن أخرى ، أو نجلس سويةً في قهوة الظهيرة نتحدث بسخريةٍ عن إحدى الزميلات … 

أحد الأشياء التي أحبها بشخصيتي هو ذكائي في هذه المواقف .. فأنت لا تستطيع أن تمسك عليّ كلمةً واحدةٍ أقولها في حق أحد .. أشارك زميلاتي جلسة “الحش” أمارس الاستماع والتفاعل ببراعة وإذا ما طُلب مني إبداءُ رأيي أقول رأيًا مفتوحًا ومحايدًا لا تستطيع من خلاله معرفةَ ما إذا كنتُ أوافق رأيك أم أعارضه 

ولكن هذا لن يبرئني من أنني أمارس “الحش” 

فما دمتُ معهن بذات الجلسة … فالحكم واحد
.
على أي حال …. لا أملكُ نهايةً لحديثي هذه الليلة. الوداع

“ذيك”

حتى هذه اللحظة أنت لا تستطيعُ أن تعيش اختياراتك بحريةٍ وصراحة دون أن تكون منبوذًا من أحدهم ، للأسف

كنتُ أبرر لصديقةٍ متحررةٍ تكبرني بعشرِ سنين عن سبب تكتمي الدائم لا سيما مع من حولي ، كانت متفهمةً لمشاعري المستاءة لأنها حسب قولها تعيش بذاتِ المبدأ 

لا تخرج كلمتها من رأسي ، تصف حالنا مع مجتمعنا بلغةٍ بسيطةٍ ومعبّرة ، تقول :

 “أدري إننا نحوم التسبد”

إي والله “نحوم التسبد” . هل تعي ما معنى كلمتها هذه ؟ اسأل شخصًا من القصيم واجعله ينطقها لك ستدرك عمق معناها عندما تسمعها شفهيةً منه 

تستطيع غضّ البصر عن كلِ مشكلةٍ أو قضيةٍ تطرأ عليك أو على المجتمع مهما كانت كبيرة ، ماذا إن كنتَ أنتَ القضية 

وبدقةٍ أكبر : ماذا لو كنتِ أنتِ القضية ! 

لأنكِ أنثى فأنتِ القضيةُ ذاتها ، ولكِ خطٌ مرسومٌ في هذه الحياة أسلكيه بطاعة ، كوني مخلصة وساكنة ، وبلا أهدافٍ تفوق طولكِ

حذاري من الانعطاف يمينًا أو شمالًا بعيدًا عما رُسم لكِ .. هل تدركين ما يعني هذا 

يعني أنه إذا ما جاء ذكركِ في المجالس قالوا “ذيك” شدةً في الإنكار ، إنهم حتى لن يقولوا اسمكِ الصريح ، ومن أنتِ حتى يتسخ لسانهم باسمك ؟ 

يقولون “ذيك” كسرًا لكِ وطعنًا في إنسانيتك وتحذيرًا مبطنًا لكل من سيسلك مسلككِ أو يحاول 

يقولون “ذيك” لأن اختياركِ لم يعجبهم ، هكذا بكل بساطةٍ ، وقسوةِ قلب .. أتظنين أنكِ كفرتي حتى يُتبرأ منكِ بهذه الطريقة الشنيعة ؟ بالطبع لا ولكننا في مجتمع لا يقيس أموره باتزان أو على الأقل بحجم “الجرم” إن صحت تسميته جُرم .. ما دمتِ خرجتِ عن الطريق المرسوم ، كيفما خرجتي لا يهم ، المهم أنكِ أصبحتي لا شيء ، بين ليلةٍ وضحاها  

ياللمهزلةِ التي لا تُصدق . أستبيحُ لنفسي الأقنعة ووجَب النفاق واستحبّ الكذب !!

لا أود أن أكون “ذيك” المنبوذة الفاجرة النكرة

 ببساطة لأنه لم يكتمل نضجي ولم أقوى بعد قوةً تجابه قسوتهم .. ولسببٍ آخرَ -وجيه- لا أستطيع ذكره 

تضيقُ الحياة بي أحيانًا ، نعم تبديل الأقنعة ليس أمرًا سهلًا ولكنه لا يجابه بصعوبته إعلان الحرب على طبائع المجتمع المقيتة 

وخذ بالحسبان أننا من أهل نجد أنجبتنا الصحراء القاسية ووهبتنا -بالفطرة- بعضًا منها فصرنا نرى البساطةَ واللطافة والليّن صفاتٍ لا يمتلكها إلا ضعيف نفس .. هكذا علمتنا الصحراء ، الشكر لها! 

أنا ناقمةٌ جدًا على ما يحصل وأقنعتي هي “المسكن” المؤقت للمتمرد الساكن الذي بداخلي ، سيستيقظ يومًا أدري، ولكنني أرجو أن يستيقظ لحظةَ اكتمالي 

ليس الآن يا نورة ، ليس بعد! 

ما أخباري ؟ 

أشتاق إلى نورة وحديثها ، ربما لأجل ذلك وددتُ الكتابة هنا حتى ولو كانت عيناي على وشك الإغلاق

بالمناسبة ، بدأتُ أجد صعوبةً بالكتابة .. لا أزال  أستطيع أن أكتب بلغةٍ كاملةِ الفصاحة والحمدلله ولكنها لم تعد بالسهولة والمهارة اللذان عهدتهما ، السببُ ببساطة هو أنني لم أعد أجد وقتًا كافيًا للقراءة كالسابق ، لذلك بدأتُ خطة قراءةٍ جديدة مع زميلتي في المكتب سنبدأ بها بعد يومين من الآن

بدأتُ العمل على كتابي الخاص المتعلق بتجربتي في عالم الأعمال ، حتى هذه اللحظة أنهيتُ كتابةَ ثلاثين صفحةٍ منه وأنوي نشره بعد سنةٍ من الآن 

أما عن جديدي على مستوى المشاعر فأود أن أحب ، أود أن ينبض قلبي لأحدهم وأن أغرق في الهوى وأن يخطر على بالي طيفه كلما بدأتُ أدندن أغنيةً من أغاني إليسّا

على مستوى الـظروف الحالية فأنا في غاية النعاس وكالعادة سأتوقف عن الحديث هنا 

جدول الغد 

دعوني أخبركم عن جدولي غدًا 

أنا سعيدة لأنه جدولٌ ممتلئٌ ويليق بسيدةَ أعمال طموحةٍ مثلي . أغلّف سعادتي هذه بالهم والقلق حيال الضغط الي سيواجهني غدًا . 

في السابعة صباحًا سأذهب إلى المكتب وأبدأ بالعمل  

في العاشرة لديّ موعد مع صندوق المئوية لتوقيع عقد اتفاقٍ بيننا 

في الحادية عشر وحتى الواحدة نحن على موعد لزيارة مركز نسائي خاص بالفنون الحرفية ويعد أول مركز نسائي في الرياض يتخصص بهذا النوع من الفنون 

في الواحدة والنصف لديّ اجتماعٌ مع عميل 

في الرابعة ستبدأ دورتي الخاص بالأعمال وستستمر حتى التاسعة 

في العاشرة سأكون في منزلي 
وفقط ..

 مرهقٌ وممتعٌ هذا الانشغال .. غير أنه يظهر جانب “الأخلاق التجارية” الذي لا يظهر إلا في أكثر حالاتك “قرفًا” !!!!! يظهر هذا الجانب غالبًا في آخر ساعات عملي في أيامٍ شديدة الضغط كما سيحدث غدًا . 

وهنا التحدي ، كيف تحافظ على سكونك وروحك الطيبة المرتاحة حتى في أجواءٍ مرهقةٍ كهذه ..  
الرفقة الذين يرافقونني في حياتي المهنية هذه ، أرجو أن أكون وفقت في اختياركم .. استمروا لطفاء و طيبين ..

كيف كان يومي 

هادئٌ كالمعتاد ، كنتُ أتمنى تناولَ وجبة فطورٍ دسمة لأنني عادةً لا أخرج من ثلاث إما ألا أفطر أو أتناول الشوفان أو أشتري فطوري من -دايت سنتر- وكل هذه الثلاث خيارات لا أشتهيها هذه اللحظة 

دايت سنتر خياري حتى في الأيام التي لا أكون صحيةً فيها ، وذلك بسبب سهولة وسرعة عملية الشراء لديهم ، ولأنني كنتُ أخشى التأخر عن الدوام اليوم اخترتُ دايت سنتر كعادتي ،  ومحاولةً مني لـ “تدسيم” الفطور اشتريتُ قطعة حلوى إضافةً إلى فطوري المعتاد . 

بدأ البردُ رسميًا في مدينتنا ، أعني ذلك البرد الذي يجعلك تأكل الأخضر واليابس ، لذا وعلى غير العادة التي تحتم عليّ الشراء من الخارج مرةً واحدةً في اليوم قررتُ تناول -نودلز- لوجبة الغداء 

ذهبتُ إلى “طيبة” سوقٌ شعبيّ يضجّ بالحياة والبشر والسلع ، اشتريتُ ما أريد وكان الجو باردًا .. 

كان لديّ اليوم اجتماعٌ مع مستشار تتشارك قيمه مع قيمي بشكلٍ كبير ، كان يود أن يخدمني بشكلٍ مجانيٍ تمامًا ، و كان حريصًا على تقدمي ونجاحي وكأن الأمر يعنيه .. أعترفُ أنني سألتُ الله شخصًا كهذا وقد حصلتُ عليه الآن ..
وعلى ذكرِ القيم تنازلتُ اليوم عن قيمةً واحدةٍ من قيمي سأقوم بإعادتها إلى نظام القيم خاصتي بعدما أنهي الغرض الذي لأجله دفنتُ هذه القيمة ، قامت زميلتي بتزوير كرتِي دخول -لي ولها- لأحد معارض الرياض الضخمة والمهمة في مجال التقنية والتي سيكلفنا مبلغًا ضخمًا إن رغبنا التسجيل عبر الطرق المشروعة ، لم أقترح أو أنفذّ هذا التزوير ولكنني وافقتُ عليه وكلاهما سيان .. أقبلُ وأنتظر “الكارما” الخاصة بي والذي أرجو أن تقوى نفسي على تحملها . 

سألتُ زميلتي “وبتتغدين من بوفيههم؟” ضحكت وقالت “طبعًا!” – الغداء يقدم بشكل مجاني لكل المشتركين بهذا المعرض- أما أنا لا أدري ، لا أظن أنني سأمس شيئًا من طعامهم فنصف وقاحةٍ كافيةٌ بالنسبة لي ! 

سأملكُ المال غدًا ، أعني  -المال الوفير- وسأستنكر فعلتي هذه ، ومن برجي العاجي سأستاء من كلٍ من يفعلُ فعلًا كهذا ، سأتناسى الماضي وسأبدو كالملاك الذي لم تقع يده على النار أبدًا!  .. هذا ما سيحصل صدقوني! 

يومٌ مبارك 

ما أجمل استشعار البركة في يومك ، ليتني أعرف سرّ هذا اليوم …

أود أن أحدثكم عن البركة في وقتي وجهدي ، و التسخير الرباني الذي حصل لي هذا الصباح ، أود أن أحكي كثيرًا ولكنَ حروفي كسولةٌ هذه اللحظة  

يكفي أنني أتمدد على سريري الآن قبل ساعةٍ من الوقت الفعلي الذي أتمدد فيه كل ليلة ، أنهيتُ ببركة الله كل أعمالي اليومية بوقتٍ قياسي بدون أي ضغطٍ جسدي .. إنها البركة عندما تحلّ ، يالله ، كم هذا جميل . 

أحاول حلّ اللغز ، لماذا يومي هذا تحديدًا أسهل من غيره ؟ لم أمارسَ أي فعلٍ جديدٍ هذا اليوم .. 

ربما كان للأمطار التي لم تتوقف سببٌ فيما حصل ليومي ؟ لا أعرف 

ربما رددتُ (لاحول ولا قوةَ إلا بالله) بإخلاصٍ أكثر هذا اليوم؟ لا أعرف 
الذي أعرفه أن بركة الله إذا ما حلّت ، ذابت كل الصعاب .. الله لو أن كل أيامي هكذا . ياليت

بدون أمي 

كان الأمر سهلًا هذه المرة ، أعني أن نسبة “الدرامية” قلّت بشكلٍ كبير فلم أبكي إلا عند عودتها إلينا .. 

مرض من أهل البيت ثلاثة من أصل أربعة وأنا لحسن الحظ كنتُ الرابعة ، كنتُ المسعفة أو لنقل -الأم المزيفة- فما إن يتألم أحدهم أقف حائرةً أمامه قبل أن أجهزّ له حبة -بروفين- جديدة ، وهكذا حالي مع الثلاثة ، وعندما أشعر أن -البروفين- لم يجدي نفعًا لهم فإنني بمهارة الأم المزيفة أنتقل إلى الخطة رقم باء وهي مشروب البابونج ، ولأنني مزيفة فإنني للأسف لا أملك أي خطةٌ أخرى عند فشل الخطتين وهذا ما حصل ! لم يجدي -البروفين- ولا -مشروب البابونج- في حلّ الأزمة التي حصلت لثلاثتهم ..

أشعرُ أن فقدهم لأمي سببُ جزئيٌ لما حلّ بهم ، لنرى  .. عادت إلينا هذه الليلة وأزعم أنني سأراهم كالغزلان غدًا ! 

حبيبتي أمي ، كل شيءٌ يسعدها يسعدني بالتأكيد ، ما أحلاها ! عادت إلينا وهي سعيدةٌ مبتهجة .. عادت أمي وهي محمّلةٌ بالحكاوي والهدايا … بعودةِ حبيبتي يعود بيتنا لتوازنه ، وبعودتها أنتحّى أنا عن منصبي كأمٍ مزيفة لأعود إلى منصبي المعتاد كأكبر بنتٍ في البيت تنامُ متى ما اشتهت وتستيقظ متى ما اشتهت .. – وكأنني حرمتُ نفسي من النوم هذه الفترة – :d  

العيش بدون أمي كانت تجربةً من الأنانية ألا أتمنى تكرارها ، لم تكن تجربةً صعبةً ولا سهلة ، كان الأمر يشبه قطعة -بازل- مفقودة  من غير الممكن إتمام اللوحة من دونها . 

هل قلتُ أنها مصيبةٌ جميلة ؟ 

هل قلتُ أنها مصيبةٌ جميلة ؟ … ربما آن لي أن أراجع كلماتي مجددًا …. 

كنتُ أرى الجانب المشرق الصغير من هذا البلاء … وأتناسى البلاء ذاته ، لحين أن حدثني أبي بانكسارٍ وددتُ لو اختفيتُ من هذا العالم قبل أن أراه بهكذا حال … 

تزداد الغُصّة في حلقي كلما تذكرتُ شأن أبي بين جماعته ، قويٌّ أبي ….. قويٌّ أبي حتى أنني في صغري كنتُ أخاف من غضبه وحنقه عليّ … كان أبي ولا يزال عظيمٌ بمجاله ، واسعُ العلم ، ذو هيبةٍ ووقار .. وله طلابه وأتباعه المحبون ..  

شخصٌ كهذا لا تُريد أن ترى انكساره وضعفه أبدًا ، ناهيكَ عن كونه أبي ، الرجل الذي لم يضعف أمامي ولو للحظة ..

كان يحبس الدموع في عينيه ، داخلي يردد : “تكفى لا تصييييح.. تكفى لا تصييييح” … إن كانت قوتي لا تكفي لتحمل منظره الكسير كيف ستتحمل دموعه؟ 

الحمد لله أنه لم يبكي أمامي ، ربما لو بكى أمامي لوجدتُ صعوبةً شديدةً في حل الأسلاك الشائكة التي حصلت في بيتنا …  
لم يبكي ولكنني أخاف عليه من شيءٍ يكبرني للغاية ، أخافُ أن يسقط أبي مغشيًا عليه، أخاف ألا يستيقظ بعد ذلك السقوط أبدًا … أخاف عليه بشكل جادٍ للغاية ، لم أخشى على أمي بقدر ما خشيتُ عليه .. ربما لأن الواقعةَ عليه أشدّ و أقسى ….. 

ما أدركه تمامًا أنني لا أريد أن يرحل أبي من هذه الدنيا وهو مفطور القلب ، مكسورٌ حزين …. ما بالي ؟ من قال أنه سيرحل ، أعوذ بالله  … 

أخبرتني أختي أنه أفضى لها عن خوفه على مستقبلي أنا وأختي الصغرى .. يا إلهي يا أبي أنتَ تحزنني ، أنتَ تقتلني … 

لكل فردٍ في عائلتي رسالةٌ من هذه المصيبة دوره أن يحاول فهمها … أشعر أن رسالتي أن أحافظ على عائلتي لكي تبقى عائلةً متحدة … وأن أتمسك بحبِ كل فردٍ فيها … 

أشعر أنني هذه الأيام أحبُ عائلتي كما لو أنني لم أحبها من قبل ، ربما يتوجب عليّ شكر المصائب التي تزيد من ارتباطي بهم .. 

ياربِ … السلامُ على أبي ، وعائلتي 

في بيتنا مصيبةٌ جميلة 

حتى هذه اللحظة أستطيع تسميتها بالجميلة وأدعو الله ألا يريني بأسًا بوالديّ أو أحدهما لكي أستمر بوصفها بالجميلة 
نعم أحزن أنا وعائلتي لما يحدث ، حتى أن مصيبتنا تشبه القصص التي تقرأها في الروايات الأدبية .. 
يواسيني أنني بهذه المصيبة أعلن امتلاكي تاريخًا مثيرًا للحديث عند أبنائي وأحفادي في المستقبل 
يواسيني أن الزمن كفيلٌ بالشفاء وأننا سنتذاكر هذه المصيبة ونحن نتضاحك على كل لحظةٍ قاسيةٍ عشناها هذه الأيام …. 

غدًا هو أول أيامي في مكتبي الجديد ، هل أنا خائفة ؟ لا أدري .. 

ما أدركه أنني بصدد ممارسةِ شيءٍ مختلفٍ عن الدراسة التي قضيتُ فيها سبعة عشر سنة .. 

غدًا صباحًا ، ولأول مرةٍ في حياتي سأذهبُ إلى مكانٍ جديد 

أُغلق باب الدراسة وهاأنذا أفتحُ بابًا جديدًا في حياتي ولا أدري ما الذي ينتظرني بداخله … لذا سأعيدُ السؤال مجددًا : هل أنا خائفة ؟