استيقظتُ اليوم على حقيقةٍ ليست طيبة ..

فتحتُ هاتفي وكتبتها بالخط العريض (ماعندي ……. هذي الحقيقة)

كتبتها وعدتُ للنوم إعلانًا للهروب من بشاعة هذه الحقيقة

من المخجل كتابة هذه الحقيقة ولكن وجب الاعتراف بها .. وجب على عيني أن تراها وتقرّ بها ..

لم يكن كبريائي يسمح بذلك ، أعني يسمح بالإقرار بها وكتابتها عيانًا بيانًا ، ولكنني أتغير وهذا ما يجب أن يحدث

الكبرياء (الإيقو) بدأت أحاول حله بجدية ، ربما هذا ما كانت تتحدث عنه أختي .. فقد مر علي أسبوعٌ عجيب .. كان عقلي في هذا الأسبوع يستمر بتذكيري بذكرياتٍ قديمة ، بدأتُ أستعيد أشعار حامد زيد / تميم البرغوثي ، أقفُ على المرآة وألقي قصائدهم .. بدأت أتذكر الأغاني(الأناشيد) القديمة التي حفظتها وأنا في سنة الخامسة عشر وما حولها .. بدأتُ أحن لذات الأماني التي رغبتُ بها آنذاك ، وما جعلني أستشعر جدية الموضوع عندما زارتني في منامي تلك الليلة أول صديقةٍ لي في حياتي والتي فارقتها منذ سنين طويييلة .. ما هذا ! ما الذي يحدث ؟

تقول أختي أن ما يحصل هو “إعادة برمجة” من أجل تصحيح مسار معين وتبني وجهات نظر جديدة ..

لم أفهم تمامًا ما الذي يجب أن يتغير ، ولكن حديثها جاء بالتزامن مع رغبةٍ مفاجأة مني بالتخلص من الايقو ..

الحل العملي لهذا هو المبادرة في الحديث تجاه الرغبات والأفعال والمشاعر .. وأن يتطابق الداخل مع الخارج ..

محاولة طلب أي شيء ، تقبل الرفض ، والأفعال المضادة والمشاعر المحتمل تلقيها من الطرف الآخر

وأول اختبارٍ حقيقيٍ لي هو أن أطلب من أبي مالم أستطع طلبه منه منذ سنين .. تخيل المشهد يربكني ، كيف لو فعلته حقيقةً ؟ آه

أظن أنني في المسار الصحيح لأنني بدأت ألحظ بعض تصرفات الكبرياء على الآخرين وأستنكرها

بالأمس لم أحظى بلقاء أمي لأنني خرجتُ في الصباح الباكر إلى عملي وعدتُ إلى المنزل في منتصف الليل ، هاتفتني عند وصولي ، سألتني بصوتٍ تدعيّ من خلاله عدم الاهتمام “بتنامين”

أنا : “يس إن شاء الله”

شعرت بصوتها المحبط عندما قالت “الله يحفظك” ..

أُدرك أنها كانت تريد أن تقول “مشتاقه لك ، تعالي سولفي معي” .. ولكن الكبرياء الذي يجري في عروق هذه العائلة لن يُمكنّها من قول ذلك ولو بعد مئة سنة ..

ما الذي ستخسره لو أخبرتني أنها تشتاق لي؟ لتركتُ النوم والعمل والدنيا لأجلها ..

لن ألومها لأن الكبرياء برمجةٌ متأصلةٌ من الصعب إدراكها ناهيك عن حلها والتخلص منها ..

رائع نورة ، أنتِ تتقدمين .. يجب أنت تدركي أن الخيرات ستهطل عليك كالمطر في اللحظة التي تخرجين فيها الكبرياء من حياتك .. سيبدو كل شيءٍ ممكنًا وقابلًا للحدوث .. ستعتادين على المعجزات ، وستكونين متصالحةً مع مشاعرك .. سأراكِ حينها بحقيقةٍ واحدة .. ما تقولينه هو نفسه الذي تشعرين به ، وما تشعرين به هو نفسه الذي تنطقين به .. هذه هي الحياة الصافية التي تنتظرك

استمري قدمًا.

حدثيني أكثر عن مزاجك السيء ..

لا أستطيع الخروج ، أشعر أنني عالقةٌ في هذه المشاعر .. لطالما انتهت مشاعري السوداوية منذ اللحظة التي أنام فيها ، أستيقظ بروحٍ جديدة ومشاعر جديدة

لماذا لا يحدث معي هذا ، هذه المرة ؟

يبدو كل شيءٍ باهتًا والأيام تشبه بعضها ..

حتى ملابسي مللتُ منها .. طريقتي في تسريح شعري ، مكياجي .. كل شيءٍ ممل

عبائتي الوردية اللطيفة تخلصتُ منها بالأمس ، ما الذي حصل ؟ لم أعد أحبها أكثر ..

ولأنه حدثٌ جديدٌ في حياتي فإني أجهل الطريقة الصحيحة للتعامل معه .. هل للعمل المجهد الذي حصل لي في آخر أشهري سببٌ في حدوث ذلك ؟ لم يخبرني أحدٌ ما أن ضغط العمل يولّد التبلد والاكتئاب ؟ .. لم أكن مرهقة ، أعني أنني كنتُ أعمل وفقًا لطاقتي وتحملي ، لم يحدث أن سقطت مغشيًا علي من الإجهاد .. كنتُ أعمل لأنني أستطيع ، عقلي وجسدي كانا قويان (ربما!)

أدرك تمامًا أن السفر قد يخرجني من هذه الدوامة

ولكنني لا أستطيع ولا أريد أن أبذل جهدًا لكي أستطيع ..

سأعود لقائمة المبهجات خاصتي ، وسأجبر نفسي على فعل أحدها اليوم ..

لايف كوتش؟ لا أملك مزاجًا للحديث ..

أنا في العمل ولكنني لا أملك مزاجًا للعمل ..

تطلب مني إحدى موظفاتي تقييم عملها معي بحكم أن اليوم هو اليوم الأخير لها في التدريب الذي ستنتقل بعده تلقائيًا للعمل بشكلٍ رسمي معي ، أعتذرتُ منها رغم أنني أدرك أنها انتظرت هذا اليوم كثيرًا لكي تستمع لرأيي .. لا أستطيع .. لا أريد الحديث ولا أظن أنني وإن أجبرتُ نفسي على الحديث سأقول الرأي الصحيح

حبيبتي ، كنتِ دائمًا أقوى من كل الظروف ، وتخطيتي الكثير من المشاعر .. بقي أن تتخطي مزاجكِ السيء كما تفعلين في كل مرة ..

تقبلي مشاعركِ هذه ،افهميها، و استمري قوية ..

يفهم ربي جيدًا نوعية الحريق الذي أريده !

شيءٌ ما يدهشني. يجعلني أترقب لحظةً حماسية في يومي

يزداد تشبث المسؤولية بي ، لا مفر ، ولا متعة ..

هل كان من المبكر جدًا تحمل أعباءٍ كنتُ في غنى عنها .. القيادة التي تجعلني أصنع عشرات القرارات كل يوم ، لا أحبها ..

نهاية الشهر الميلادي تربكني ، رغم استطاعتي تسديد جميع الفواتير والرواتب ولكنها تجعلني في سباقٍ مع الزمن ، هل دفعت أكثر مما كسبت ؟ .. بالتأكيد هذا ما يحدث ، لا أزال أدفع أكثر مما أكسب وهذا ديدن البدايات ، لهذا توقفي عن الغوص في هذه المشاعر السوداوية ..

مزاجي عكر، كل شيءٍ مستقر .. ولكنني أشعر بالملل

أظن أن للسيدة”بريود” دورٌ في هذه المشاعر، ذلك لأنها تحب أن تفسد مشاعري قبل أن تغادرني بيوم ، هكذا هي في كل مرة ..

لهذا أشعر بأنني أحتاج أن أتجدد ، كيف .. هممم

أحتاج أن أصنع تجارب جديدة في يومي .. مثلًا ، أستلق جبلًا ما.. أستلقي في الصحراء ، ألتقي بأشخاصٍ لا يشبهونني ، أقطع سيرًا أحد الشوارع الرئيسية في وقت الذروة .. أتنكر بزيٍّ رجالي وأقضي يومًا كاملًا بين الرجال بصفتي رجلًا مثلهم ، أضحك لمالا نهاية ، أزور مكانًا ملهمًا ، أغني في السيارة بصوتٍ صاخب ونوافذ مفتوحة في طريقٍ سريع ، أتبلل تحت المطر ..

أرقص ! أحتاج أن أرقص

أريد عيش المزيد من المغامرات الخطيرة ، هذا ما سيوقظ بهجتي ..

القصيم.

لا تجتمع الحرية والاتكالية ، ثمن الحرية أن تكون شخصًا مسؤولًا ،

اعتدتُ دائمًا أن أكون اتكالية .. وهذا يرجع لترتيبي المتأخر في عدد العائلة ، اعتدتُ دائمًا ألا أعتمد على نفسي في قضاء حوائجي

لهذا بدت المسؤولية ولا تزال مرهقةً بالنسبة لي

في رحلتي إلى القصيم لم تكن الرحلة ماتعة ، كما كنتُ أظن .. جاورتني في الطائرة فتاةٌ لطيفة جرحتها دون قصدٍ مني ، أنا آسفة يا صديقتي .

بدأ العالم المليء بالرجال منذ اللحظة التي حطت بها قدمي أرض القصيم ، استقبلني ذاتُ الوجه الذي لا أحبه .. ثم غادرنا إلى الفندق ، كعادة الرجال اللطيفة في لعب دور الأبطال وبحسن نية طلب مني الانتظار في بهو الفندق لحين أن ينهي لي إجراءات الدخول ..

في اليوم الثاني التقيتُ مع بعضهم على مائدة الإفطار ، احترتُ كثيرًا في البداية عن إذا ما كان جلوسي معهم في نفس الطاولة فكرةً سديدةً أم لا ، قويتُ نفسي ، وعززت صفات الذكورة في داخلي .. وقررتُ الجلوس معهم ، لاسيما أنني سأقضي معهم يومًا كاملًا فإما أن أذيب الجليد حالًا ، أو سيظل بقية اليوم محرجًا بالنسبة لي ..

نجحت خطتي في تقديم نفسي بطريقةٍ ذكورية ، أعني بصوتٍ عالي ، متزن ، نظرات ثابتة ، وطريقة حديث هادئة

شاركنا الإفطار أحد المتدينين ، لم يتقبل وجودي معه في نفس المائدة قرأتُ وجهه، كما أن المسألة ليست بحاجةٍ لقراءة ! .. كنتُ حريصةً أثناء حديثنا أن أخبرهم عن خلفيتي الدينية المتينة (لم تعد كذلك) أعني أن تخصصي الجامعي كان شرعيًا، ختمتُ القرآن حفظًا مرتين في حياتي أثناء دراستي في مدارس تحفيظ القرآن ، سمعتُ كثيرًا من مناظرات الدكتور أحمد ديدات وتأثرتُ فيه زمنًا طويلًا بالإضافة لدراستي في ورشة تدريبية مكثفة تعلمتُ فيها آنذاك عن مقارنة الأديان وطريقة دعوة النصارى للإسلام من خلال الإنجيل لذلك أيها السطحي توقف عن الحكم علي من مظهري !!

شاركنا الجلسة أحد المزارعين البسطاء بدا ليه في نهاية الأربعين ، عند نهاية الإفطار وعندما رحل البقية ، سألني باستعجاب عن جدوى النظرة الشرعية .. نصيحةٌ مبطنة .. ولكنها لم تغضبني لأنني أعرف أن هذا المزارع رجلٌ طيبٌ على سليقته ..

ما لا أحبه هو تناقل الأخبار بين السيدات ، لم أدرك أن تناقل الأخبار يحدثُ أيضًا في عالم الرجال ، منذ لحظةِ وصولي إلى مركز الأبحاث العضوية في عنيزة وبعد أقل من ساعة من إخباري للأصحاب عن خلفيتي الدينية تفاجأتُ بأحد الدكاترة الكبار في مجال علم النبات يلقي علي التحية ، يسألني بانبهار “سمعت إنك خريجة شريعة” ، تخصصي الدقيق عقيدة إسلامية ولكن غير المتخصصين يصنفون التخصصات الدينية جميعًا تحت مسمى واحد هو الشريعة ، لهذا قلتُ نعم . وقد تفاجأتُ كثيرًا من كيفية انتشارِ خبر “غير مهمٍ” كهذا .. غضبتُ في البداية ولكنني رضيتُ سريعًا .. هذا الدكتور يعد من أوائل الذين دخلوا مجال الزراعة العضوية منذ ما يقارب الثلاثين سنة ، لهذا يحمل منصبًا فخريًا في الوزارة ، يحترمه ويقدره الجميع ، ويقدمونه في كل شيء .. لم يكن هينًا .. أذكر أنني حاولتُ كسب اهتمامه في معرضٍ سابق جمعني به ، ولم أستطع .. ربما كان للمكان الصاخب دورٌ في عدم استطاعتي كسب اهتمامه ..

لهذا أسعدني اهتمامه بي اليوم ، بدا شغوفًا بي ، قرأتُ اهتمامًا لطيفًا في وجهه ، حتى أنه طلب بطاقة أعمالي وجلس معي على وجبة الغداء وكان يحاول فتح الأحاديث معي ..

لهذا لم يغضبني كثيرًا تناقل الأخبار ، أظن أن لمعرفته بتخصصي الجامعي دورٌ في تحسن نظرته تجاهي ، بالإضافة إلى إعجابه بالورقة التي قدمتها ضمن ورشة العمل التي تنظمها الوزارة ، كان حديثي كالعادة على المسرح ارتجالي ، متزن ، يميل للفصاحة .. وأحمد الله أنني حظيتُ على إعجابه لأنه في نهاية اليوم جلس جميع المحاضرين على المسرح لتلقي الأسئلة والإجابة عنها ، وقد أحرج الدكتور (بحكم علمه وكبر سنه) بعض المحاضرين ، بسؤالٍ تحجيري! أو بانتقاد لاسع .. وقد خفتُ قليلًا ولكنه كان راضٍ عني لم يمسني إلا بسؤالٍ منطقي يخص ورقتي..

كانت فقرة الغداء هي الفقرة الأصعب على الإطلاق ، كان جميع من في الصالة رجالٌ في منتصف العمر ، كانت الصالة ممتلئة بهم ، بدوتُ محرجةً جدًا من داخلي ولكنني كنتُ متماسكة ببراعة ، ملامحي كانت طبيعية ، كان الغداء عبارةً عن “رز ولحم” والحمدلله إلى آخر يومٍ في حياتي أن الغداء كان على طاولات وليس على الأرض ، لم تكن هناك “ملاعق” على الطاولات سوا في طاولةٍ واحدة خصصوها لي وللأجانب وقد وجهوني للجلوس هناك ، وهناك رآني الدكتور واستأذنني في الجلوس معي ، وتبعه آخرون ..

احتكاكي بالرجال علمني المزيد عنهم ، مثلاً لم أكن أدرك أن لديهم غيرةً من بعضهم ، أو على الأقل كنتُ أظن أن الغيرة وإن وجدت فهي بين الشباب الصغار .. كان هذا اعتقادٌ خاطيء ..

أحببتُ في هذه التجربة خروجي من منطقة الراحة ، رغم أنني أتقنتُ تمثيل الثقة المطلقة والقوة المطلقة .. ولكنني في داخلي ارتبكتُ كثيرًا ، وأحرجتُ كثيرًا ، وتعبتُ كثيرًا .. وفعلتُ أشياءَ لا تشبهني

الخروج من منطقة الراحة يطورني ويحسن من روحي ، ويزيد نضجي ..

في نفس اليوم ، خرجتُ بصحبة سيدة أعمال ناجحة ، ترددتُ كثيرًا كعادتي في لقاءها ، ولكنني فعلتها في النهاية والحمدلله أنني فعلتها ..

ألهمتني هذه الصديقة بنجاحها وذكاءها .. وسأحرص على توطيد العلاقة معها ..

في نهاية اليوم عدتُ للرياض ، إلى أمي ، إلى غرفتي .. إلى الأمان

أنا أكثر الناس حاجةً لإتقان مهارات الحب اللامشروط

ذاك لأنني تواجدتُ في عائلةٍ مختلفةٍ ومتباعدة ، فكرًا ودينًا ، ومكانًا ..

وهذه هي القوة ، أن تحب رغم الاختلاف .. أن تحب رغم البُعد ..

دائمًا ما أتسائل بقلق ، هل سيقل حبي لأختي يومًا لأنها ليست بيننا ؟

يحزنني أحيانًا أننا لا نلتقي إلا مراتٍ محدودةٍ في السنة ، وعندما نلتقي لا نتوقف عن الحديث ، لأن هناك الكثير من “التحديثات” في حياة كل منا فاتت على الآخر و وجب أن نعرفها .. رغم أنني أهاتفها بشكلٍ شبه يومي .. حتى أنني أهاتفها أكثر من بعض أخواتي .. ولكن لا تزال بعيدة ، لا يزال الطفل الذي بداخلي يريدها بجانبي معي ، كل يوم ، وفي كل مكان .. هذا الطفل الأناني الذي لم يُهذّب بعد .. لم ينضج بعد ليحل محله شخصٌ ناضج يرحب باختياراتِ الآخرين ويتقبلها كيفما كانت .. يحب حبًا مطلقًا لامشروطًا ، كل ما يتمناه أن يكون محبوبه بخيرٍ وعافية .. كيفما كان ، أينما كان ..

إتقان الحب اللامشروط لأختي أسهل بكثيرٍ من غيرها ، مثلًا .. من يختلف معي دينًا وفكرًا .. من يحمل في جعته الكثير من الأفكار الباليه ، من يحمل في عقله صندوقًا مغلقًا ، الجاهلون ، الذين يمتلكون صكًا للجنة ، الذين لا يزالون في مرحلة العار من سلم هاوكنز ، الذين لا يشبهوننا ولا يرحبون باختلافنا ، الذين آذونا .. هؤلاء الذين لا أدري كيف أحبهم حبًا لامشروطًا ..

يكفي في مرحلتي الروحية الحالية أن أدرك المسألة ، لأن تبنيها و إتقانها يتطلب مرحلةً روحية عالية .. ولستُ أستعجل رزقي ..

مجددًا يفتح الله علي فتحًا من عنده ، أستمر مجددًا بفهم جوانب غامضةٍ عني ..

اكتشفتُ اليوم أنني أخاف أن أحب ، لأنني أخاف أن أُكسر ..

ربما كان لمساعدتي الأولى يدٌ في هذا الموضوع

عندما أحببتها جدًا وكنا كالأخوات ، ثم خانتني (أو هكذا أشعر) بدأت أتحفظ كثيرًا عن الاختلاط بموظفاتي ، وأضع مشاعري جانبًا مهما كان الطرف الآخر طيبًا و ودودًا ..

قد يراه القائدون الناجحون أسلوب قيادة ناجح ، ولكن هذا الجفاف بالنسبة لي ليس صحيًا ..

هناك حالةٌ مثاليةٌ أود الوصول إليها ، وهي أن أسمح لمشاعري أن تكون حاضرة (بدون أن تؤثر على العمل) ، وأن أبني معهن علاقةً تشبه العائلة ، أحبهن حبًا لامشروطًا .. وإذا ما غادرتني يومًا إحداهن ، يستمر هذا الحب موجودًا .. لأنه حبٌ روحي لا يرتبط بمصالح أو ماديات ..

“السماح بالرحيل” هذا الكتاب الذي اشتريته منذ سنة ولم أجد وقتًا ولا همةً لقراءته .. ربما سيساعدني في فك هذه العقدة ..

شكرًا يالله، لأنك تستمر بمساعدتي .. لأنني أعي كل يوم شيئًا جديدًا كان مغيبًا عني .. وما كنت لأفعل ذلك لولاك

منذ اللحظة التي بدأت المعجزات تهطل على حياتي أصبحت أستيقظ كل يوم ولساني يردد دون وعيٍ مني “لا حول ولا قوة إلا بالله” أقولها وأشعرها،وأشعر بقوتك تملأوني ..

يفتح الله علي بالإجابات ، ينير طريقي ..

وقد سألت الله نورًا وحكمة عندما هطل المطر تلك الليلة ..

لي قدرةٌ لا أعترف بها في قراءة الأوجه وتصنيفها .. هذا يساعدني كثيرًا في تحديد مشاعري الأولية تجاه الأشخاص

التقيتُ بسيدةٍ اليوم لم أستطع تصنيفها .. بدت ملامحها لا تنتمي لخيرٍ أو لشر ، لم أشعر بارتياح ولم أتضايق ، بدوتُ معلّقة .. وقد ساءني ذلك .. لأن هذه السيدة هي زميلة مهنةٍ جديدة ، ولا أدري هل أساعدها بكل جوارحي كما أفعل مع الذين يطمئن قلبي لهم ، أم أتحفظ عن تقديم أي خدمةٍ لها ..

في عالم الوعي هذا الشعور هو الصواب ، وهو الشعور المعلق ، البين بين ، ترتقي الأرواح عندما لا “تصنف” ولا “تحكم” .. وأنا لا أزال بعيدةً عن هذه المرحلة الروحية ..

تفاجأت عندما التقيتُ بها بأنها دعت صديقتها معها ، أنا شديدة الحساسية تجاه هذه الحكايات ، ولا أحب أن تكون خطتي الالتقاء بشخصٍ ما ، لأتفاجأ بوجود آخرين معه ..

لا أحب أن أجد نفسي مجبرةً على الجلوس مع أشخاصٍ لا أعرفهم ولم أهيئ نفسي مسبقًا على التعرف عليهم ، أظن أن من حقي معرفةُ أعضاء هذه الجلسة قبل أن تبدأ ..

صديقتي الحبيبة بدور قد وضعتني في موقفٍ مشابه في جدة ، كنت سأخرج للغداء معها لأتفاجأ بها تدعو صديقتين معها .. غشاني صداعٌ في رأسي في الدقائق الأولى ، هكذا يتصرف جسدي كوسيلةٍ للهروب من المواجهة .. دخلتُ بيت السلحفاة خاصتي ، ادعيتُ أن ألم رأسي كان بسبب الصباح المجهد ..

أعرف نفسي جيدًا، وأدرك ضعفي في بناء العلاقات الاجتماعية ، لهذا تربكني وتغضبني مواقفٌ كهذه لاسيما إن كانت في إطارٍ بعيدٍ عن العمل ..

قبل أن ألتقي اليوم بهذه السيدة بثواني ، وعندما أدركت أنها لم تحضر لوحدها ، حسمتُ قراري .. نورة ، هل ستغضبين وتدخلين بيت السلحفاة .. أم تعلنين القبول وتركبين الموجه .. بيدك الخيار

قررتُ أن أدع الأمور تجري كما تجري ، كنتُ على السليقة ، طبيعية ، هادئة ، وتحدثتُ باتزان .. كان قرارًا حكيمًا ، وأرجو أن أستمر في التحسن يومًا بعد يوم ..

في فهم نفسي أقول :

أنني لا أسعى للكمال ولكنني لا أزال أتعارك مع احتياجاتي الناقصة .. يسعدني أنني أدركها تمامًا ..

أود أن أصل لنقطة التقاءٍ في منتصف الطريق ، صلحٌ وديٍ ما بيني وبيني ..

يقول بشأني “أدرك أنها قوية ، جادة ، وستصل لوجهتها”

وهذا خبرٌ سعيدٌ مليءٌ بالسلام ، رغم أنه لم يخبرني يومًا بهذا الإيمان ، ولكنه خلسةً يخبر الآخرين بذلك ..

يارب السماء والأرض ، لقد حلّ الرضى فأبقه بيننا ..

وطمئن قلب الغائبين ، أرح قلوبهم وأرواحهم ، بغيابهم حلت على أرواحنا السكينة ، فلا تعدهم إلينا حتى نتمكنّ أكثر ..

بشأن مدونتي، لم يعد ممتعًا أن يستمر الآخرون بقراءة أفكاري ، رغم أنني بدأت خطةً جديدةً في التحرر من قدسيّة حياتي ، لهذا لن أمانع أن أتحدث بصراحةٍ مطلقة عن حياتي في كتابٍ ما، أو لشخصٍ ما، أو على مسرحٍ ما ..

ولكنني أكتبُ للشفاء ، للارتقاء ، وليس لأجل أن تظلّ هذه الكتابات ثابتةً عني وباسمي ..

أدخلُ الـ “Drafts” أجد كتاباتٍ مخفية ، أكثر صراحة ، أكثر حقيقة ، لم أنشرها بعد .. هذه العادة لديّ منذ سنوات

لماذا ؟ لأن هناك نوعٌ من الكتابة يشبه التعرّي. لا يجب أن يراك أحدٌ به ..

وقد كنتُ أدرك ولا أزال أن الكثيرين ممن يعرفونني بشكلٍ شخصي يستمرون بقراءة أفكاري هنا ، لم تكن تزعجني هذه الفكرة إلا مؤخرًا..

لا أدري إلى ماذا ستؤول إليه الأمور، يلزمني كثيرٌ من النقاشات بيني وبيني ..

كنتُ أفكر اليوم في المحرك للطاقة البشرية ، أدركتُ إدراكًا ليس جازمًا أننا نتحرك مجتمعيًا بأنانيةٍ نسبية ، ولأغراضٍ شخصية بحتة .. مهما كان ظاهر الحياة مخالفًا لذلك

تدّعي الأم صبرها على تعنيف زوجها من أجل أبنائها ، تبدو بطلةً في التضحية .. وهي بذلك تزيّف حقيقة عدم قدرتها (هي) على مفارقة أطفالها ..

أمي لطالما ادعتّ أن أول سببٍ لإنجابنا هو “تكثير أمة محمد” ، ولكنها كغيرها من السيدات “وهذا حقها” تريد أن تستمتع بشعور الأمومةِ قبل كل شيء …

لهذا عندما نعطي ، نبادر ، نتصدق ، الخ ، نحن نفعل هذا لأنفسنا أولًا ، لشعورنا الداخلي قبل كل شيء ..

وهذا شيءٌ لا يدعو للغضب ، أو نبذ العلاقات الاجتماعية ، ولكن ينبني على إدراكه الكثير من الوعي لكيفية تسيير هذه العلاقات

هذه الإدراك وبشكلٍ شخصي يساعدني على الاتزان في مشاعري تجاه الأشخاص والمواقف ..

الأنانية تصرفٌ إنسانيٍ فطري لا أنكره ولا أعارضه بل أدعو لقبوله والاعتراف به بدلًا من تزييف الحقائق …

هذه المجتمع لا يتناسب معي ، لا أزال أرتدي الأقنعة “تبقى منها القليل” وإذا ما كنتُ حقيقيةً و”على الفطرة” خاصمني الآخرون ..

بشأن الصورة أعلاه، كنتُ اليوم في الحدث الأضخم في السعودية #فورمولا_اي ، كان صاخبًا حتى الموت .. هذه الأجواء لا تشبهني وقد ذهبتُ لأجل أخي الذي كان يعمل هناك لكي أدعمه وألقي تحية بركةٍ وتشجيعٍ له ، حسنًا وبشأن الأنانية فقد وددتُ أيضًا ولغرضٍ شخصي أن أرى هذا الحدث الذي بات حديث العالم ..

أنا لستُ فاضلة .. أحيانًا أنسى حقيقةً “أو أتناسى” السبب الأناني الذي لأجله فعلتُ فعلًا ما .. لكي أبدو ملاكًا في عيني ولو لبعض الوقت ! هذه طبيعةٌ بشريةٌ أتقبلها في ذاتي كما أتقبلها “أو أحاول” تقبلها على الآخرين ..

حلّ النعاس، أود أن أستيقظ غدًا على ذاتِ السلام الذي أستيقظ به كل يوم .. بروحٍ جديدة … يا أكرم الأكرمين

آمين.

اليوم ..

هطل على مدينتي المطر ..

دعوتُ الله بأن يسخر لي الطيب من خلقه ، وأن يحفظني من شياطين الإنس والجن ..

لم أكن أكترث يومًا لهذه الأشياء ولم أكن أدعو الله بها .. يسعدني أن أدعيتي بدأت تتجدد تبعًا لتجدد حياتي ..

وعلى الجانب “غير الحالم” في هذه الحياة

لا يزال الحجر حجرًا، وأنا ياربي أستمد أملي وقوتي منك وأنتَ رب المعجزات ..

لتغشاني حكمتك يالله ..