في أقصى مراحل النعاس ولكنني أريد أن أكتب ..

اليوم كان يوم المواجهات ..

في البدءِ التقيتُ مع زميلةٍ حدث بيننا سوء فهم أحببتُ أن أنهيه اليوم ، وقد نجحت .

ثم تاليًا جلستُ مع السيدة التي مضى على خصامي معها شهرٌ أو يزيد .. بكيتُ وأنا أناقشها فيما حلّ بيننا

لم تستجب ولم أتوقع منها أن تستجب .. صعدتُ إلى غرفتي وبكيتُ لوقتٍ طويل ، هذا البكاء ساعدني كثيرًا

لم يكن سهلًا أن يمرَ شهرٌ كاملٌ دون أن أجالسها ، أنظرُ إليها ، أتسامرُ معها ..

هل هذا حلمٌ يالله؟ هل سنعودُ يومًا كما كُنا؟ أم أن الأمورستظل هكذا ما حييت؟

هممم ..

شكرًا لأنكَ نرجسيٌ شكّاك رغم ذلك لم تستطع إخفاء إعجابك بأسلوبي وفصاحتي ..

طلبتَ أن نكونَ صحبة ، ولكنك بهذا الطلب تقيدني دون أن تعلم .. لهذا كان من الذكاء ألا تكون صريحًا بهذا القدر ، ربما جمعتنا الأيام أصحابًا متحابين دون اتفاقاتٍ ووعودٍ مسبقة .

لن أعطيكَ وعدًا لستُ متأكدةً من قدرتي على تنفيذه ..

لكنني سعيدة ، لأنكَ كنتَ صادقًا وأخبرتني بلهجتك البسيطة “جزتي لي” !

بيني وبيني

شكرًا لأنك لستَ بيننا ..

لأننا من الذين قُدر لنا ألا نجتمع .. هذا اختيارك

لأنك وضعتَ إيمانك فوق كل شيءٍ .. وعصمته عن الأخطاء

وبدوت كأنك آلهة العقاب التي ترمي في نارها كل من خالف معتقدها ، غير آبهٍ بقريب ولا حبيب ..

أنا أيضًا أختار أن أحبك بعيدًا عني .. هذا أهدأ لكلينا .. وأدعى للسلام ..

بالأمس كنتُ سعيدةً مرتاحة البال ، مر عليّ طيفك لثواني .. شكرتُ الله في سرّي على بعدك ..

مؤسفٌ جدًا أن تختار هذه الحياة ، ولكنها بالنهاية ليست حياتي ، وذلك الاختبار البائس ليس اختياري ..

علمتني حياتكَ -دون قصدٍ منك- ألا أحد يملكُ أحدًا في هذه الدنيا .. الحرية المطلقة تؤلم قلبي أحيانًا ، ولكنني بين خيارين مرّين في هذه الحياة

الأول أن أؤمن أن الحياة لم تكن باختيارك ، وسأظل أبكي حظك العاثر ما حييت

والثاني أن أؤمن أن كل ما حصل كان باختيارك ، ستبدو المسألةُ أقلَ ألمًا من الأولى ولكنها ستجعلني أؤمن تبعًا بقانون الحرية المطلقة – و ألا أحد يملك أحد – وهذا بدوره يخفف روابطي العاطفية العمقية جدًا مع عائلتي ، وهذا ما يؤلم

الخيارين برمتهما مؤلمين ، ولكن الثانية أكثرُ قوةً واستقلالية وأنا أختارأن أؤمن بها ..

هذا اليوم يحمل استكنانًا على غير العادة

ربما لأنه أول يوم عمل في رمضان ، لا أدري ..

أريد أن أنام باكرًا اليوم لأن لدي اجتماعًا في منتصف الظهيرة ..

أفسّر مزاجي التالف هو شعوري بالهم من تحمل مسؤولية موظفةٍ في مؤسستي .. أظن أن هذا ما يزعجني ..

أما بشأن السيدة ، فالحصن الذي بيننا لم يُهدم بعد .. الحصنُ منيعٌ هذه المرة ..

بشأن هدفي، أنا أسير ..

بشأن رمضان ، لم أشعر بهيبته ككل مرة .. لم أضع هدفًا رمضانيًا ككل مرة ، حتى أنني لم أفتح المصحف حتى هذه اللحظة …

بخصوص السيدة !

حتى هذه اللحظة لم نعد صحبةً كذي قبل ..

مر على خصامنا أكثر من خمسةَ عشرَ يومًا ، هذه المدة تعتبر الأطول في تاريخ خصامنا ..

أظن أن شيئًا ما انكسر داخلها ، لهذا لا تستطيع أن تعود لي كما كانت ..

وكعادتنا ، كلتانا في ضفتين مختلفتين .. نحاول أن نلتقي ولا نستطيع ..

أحبكِ .. وهذا شيءٌ لا تستطيعين تشكيكي فيه ، لكنني وحتى إن وقفتُ أمام ربي سوف لن أخشى عقابه

لأنني لم أفعل شيئًا يستلزم غضب الله .. أنتِ وحدكِ الغاضبة ..

دعينا هكذا ، أو عودي .. لا أكترث ! أحاول ألا أكترث ..

تنظم إلى مؤسستي الصغيرة

أول موظفةً رسميةٍ لي ..

كان الوضعُ مربكًا بالأمس ، ولكن شعورًا بالهدوء يغشاني اليوم ..

المسؤوليةُ باتت أكبر من ذي قبل ..

وأنا بذاتي بدأتُ أكبر ..

وبصفتي مديرةً لها ، أرجو ألا أستهين بالعمل أبدًا

فعلاقتي بها لا يجب أن تكون كعلاقتي مع صديقاتي ..

وطيبتي التي بلا حد ، صار لزامًا أن تؤطر ..

حياتي على مايرام ، هادئة .. وسعيدة

وتسير بطريقةٍ تعجبني ..

ولكنني سأرجوك ياربي شيئًا وحيدًا ..

وهو ألا يعود الطير إلى عشه

حتى تخرج بيضته للعالم !

لم يعد يحرقني قلبي على خصامنا

ربما أصبحتُ أكثر استقلاليةً من ذي قبل .. بدا كل شيءٍ عاديًا إلا من غصةٍ تنتابني بين الفينة والأخرى ..

بدأتُ أؤمن أن النقطة الوسطية التي يلتقي فيها النقيضين لن تحدث أبدًا في حياتنا

إن كنتُ ملكةً للعناد فأنتِ آلهته !

وعلى ذكر الآلهة ، لا تنسي أن تعبدي الرجال ..